فالوجهُ الأوَّل: "يا ابنَ أُمّي"، و"يا ابنَ عَمّي" بإثبات الياء، قال الشاعر [من الخفيف]:
218 - يا ابنَ أُمِّي ويا شُقَيِّقَ نَفْسِي ... أنتَ خلَّفتَني لدَهْرٍ شَدِيدِ
ولذلك وجهان من المعنى: أحدُهما أن تكون أثبتَّها كما أثبتها في "يا غلامي". وإذا ساغ ثبوتُها في المنادى، كان ثبوتُها في المضاف إلى المنادى أسوغَ. والثاني، وهو أجودُهما، أن تُثْبِتها كما أثبتَها في "يا ابنَ أخي"، وفي "يا غلامَ غلامي".
والوجه الثاني: من الأوجه الأربعة أن تقول: "يا ابنَ أُمَّ" و"يا ابنَ عَمَّ" بالفتح. وقد قرأ به ابنُ كَثِير، ونافعٌ، وأبو عمرو. ويحتمل ذلك أمرَيْن: أحدُهما أن يكون الأصلُ: "يا ابنَ أُمَّا" بالألف، ثمّ حُذفت الألف تخفيفًا. وساغ ذلك لأنهّا بدلٌ من الياء، فحُذفت كما تُحذف الياء في "يا غلامي" في قولك "يا غلامِ". وحُذفت الياء من المضاف إليه، وإن كانت لا تُحذف من المضاف إليه إذا قلت: "يا غلامَ غلامِي" كما تُحذف من المضاف إذا قلت: "يا غلامِ", لأنّ هذا الاسم أعنِي "يا ابنَ أُمِّ"، و"يا ابنَ عَمِّ" قد كثُر استعمالُه، فجاز فيه ما لم يجز في نظائره. والفتحة في "ابنَ" على هذا فتحةُ إعراب كما أنها في "يا غلامَ غلامي" كذلك.
والثاني أن تجعل "ابنًا" و"أُمًّا" جميعًا بمنزلةِ اسم واحد فتبني الاسمَ الآخِرَ على الفتح، وتبني الاسمَ الذي هو الصدرُ لأنّه كالبعض للثاني. فالفتحةُ في الأوّل ليست نصبةً كما كانت في الوجه الأوّل وإنّما هي بمنزلةِ الفتحة من "خمسةَ عشرَ"، وهما في موضعِ