فيه تاءُ التأنيث مرخمَّا، فلمّا كان كذلك، ورُدَّ المحذوف، تُرك الآخِرُ يجري على ما كان يجري عليه في الترخيم من الفتح، ولم يُعتدّ بالهاء، وأقحموها، كما أنّه لمّا كان أكثرُ ما يقول العربُ: "اجتمعتِ اليَمامةُ"، وهم يريدون أهلَ اليمامة فإذا ردوا "الأهلَ" جروا على ما كانوا عليه من التأنيث، فقالوا: "اجتمعتْ أهلُ اليمامة"، ولم يعتدّوا بـ "الأهل"، وجعلوه من قبيلِ المُقْحَم على حد قوله [من الطويل]:
212 - كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ ... [وليلٍ أقاسِيهِ بَطِيء الكَواكبِ]
والوجه الثاني: أن يكون أراد: "يا أبَتَا"، فحذف الألفَ تخفيفًا. وساغ ذلك لأنّها بدلٌ من الياء، فحذفوها كما تُحذف الياء، وبقيت الفتحةُ قبلها تدلّ على الألف، كما أنّ الكسرة تبقى دليلاً على الياء.
وأمّا من قال: "يا أبَتَا"، و"يا أمَّتَا"، فإثه أراد الياءَ إلا أنّه استثقلها. فأبدلَ من الكسرة فتحةً، ثمّ قلبها ألفًا، لأنّها متحرّكةٌ مفتوحٌ ما قبلها. قال الشاعر [من الرجز]:
213 - [تقولُ بنتي قَدْ أنَى أَنَاكا] ... يا أبَتَا عَلَّكَ أو عَساكَا