قال الشارح: إذا كان المنادى مضافًا، وكُرّر المضاف دون المضاف إليه، وذلك، نحو "يا زيدُ زيدَ عمرٍو"، فإنه يجوز فيه وجهان: أحدهما نصبُ الأوّل والثاني. والوجهُ الآخرُ ضمُّ الأوّل ونصبُ الثاني، قال الخليل ويونس (?): هما سَواءٌ في المعنى، وهما لغةُ العرب.
فإذا نصبتَهما جميعًا، فسيبويه (?) يزعم أنّ الأوّل هو المضافُ إلى عمرو والثاني تكرُّرٌ لضرب من التأكيد، ولا تأثيرَ له في خفضِ المضاف إليه. قال: لأنّا قد علِمنا أنّك لو لم تُكرِّر الاسمَ الثاني لم يكن إلّا منصوبًا، فلمّا كرّرتَه بقي على حاله. وذهب أبو العبّاس محمّد بن يزيد إلى أنّ الأوّل مضافٌ إلى اسم محذوف، وأنّ الثاني هو المضافُ إلى الظاهر المذكورِ. وتقديرُه عنده: يا زيدَ عمرو زيدَ عمرو، وحُذف "عمرو" الأوّلُ اكتفاء بالثاني. وقد شبّه الخليلُ (?) "يا تيمٍ تيمَ عَدِي" بقولهم: "لا أبَا لك". وذلك أنّ "الأب" مضافٌ إلى "الكاف" غيرَ ذي شَك بدليلِ نصب "الأب" بالألف. و"الأبُ" لا يكون إعرابُه بالحروف إلّا في حال إضافته إلى غير متكلّمَ، فلمّا نُصِبَ بالألف دلّ على إِضافته، ثم أُقحمت اللام، فلم يكن لها تأثيرٌ في خفضِ الكاف إلّا تأكيد معنى الإضافة، ومثله [من مجزوء الكامل]:
209 - يا بُؤْسَ للحَرْب [التي ... وضَعَتْ أراهِطَ فاسْتَراحوا]