من "أيّ"، فأمّا "هَذَا" فلها مذهبان: أحدُهما أنّ تكون وصلةً لنداءِ "الرجل"، فيكون حكمُها حكم "يا أيها الرجلُ". والآخرُ أن تكون مكتفِيَة، لأنّه يجوز أنّ تقول: "يا هذا أقْبِلْ"، ولا تصفَ، فعلى هذا المذهب يجوز أنّ تقول: "يا هذا الرجلُ، والرجلَ" بالرفع والنصب، و"يا هذا الظريفُ، والظريفَ"، وأجاز المازني: "يا أيها الرجلُ، والرجلَ" بالرفع والنصب، وقد تقدّم الكلامُ عليه، فأما ما أنشده من قول الشاعر [من الكامل]:

يَا صاحِ يَا ذا الضامرُ العَنْسِ ... والرَّحْلِ والأقْتابِ والحِلْسِ (?)

فالشاهد فيه وصفُ "ذا" إنما فيه الألفُ واللام و"الضامرُ" رفيع وإن كان مضافًا إلى "العنس", لأن إضافته غيرُ مَحْضة، إذ التقدير: يا ذا الذي ضمرتْ عَنْسُه. والعنس: الناقة الشديدة. وأصلُ العنس: الصَّخْرةُ في الماء، قيل لها ذلك لصَلابتها. ومثله: "يا ذا الحَسَنُ الوَجْهِ"، تقديرُه: يا هذا الحسنُ وَجْهُه. وذهب الكوفيون إلى أنّ الرواية: يا صاحِ يا ذا ضامرِ العنسِ، بخفضِ "الضامر"، ويُضيفون "ذَا" إلى "الضامر"، ويجعلونه مثلَ "يا ذا الجُمَّةِ"، وتكون "ذُو" بمعنَى صاحب، وهي التي تتغيّر فتكون في الرفع بالواو، وفي النصب بالألف، وفي الجرّ بالياء. قالوا: ألا ترى أنّه عُطف عليه، و"الرحلِ"، و"الأقتاب"، و"الحلسِ" بالخفض. ولو كان "الضامرُ" مرفوعًا على ما أنشده سيبويه، لكان "الرَحل" مخفوضًا بالعطف على "العنس"، فيصير التقديرُ: يا الذي ضمرتْ عنسُه، ورحلُه، وهذا فاسدٌ، وسيبويه يحمل ذلك على مثلِ قول الآخر [من الرجز]:

203 - عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً باردًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015