على جَوازِ حذف الفعل العاملِ، وذلك قولُهم في مَثَلٍ من أَمْثالهم: "اللهمّ ضَبُعًا، وذِئبًا"، كأَنَّ قائله يدعو على غَنَمِ غيره، فإذا قيل: "ما تعنون"؟ قالوا: "اللهمّ اجْمَعْ فيها ضبعًا وذئبًا"، فأُضْمر العامل.
قال سيبويه (?): كلّهم يُفسِّر ما يَنْوِي، يعني يُقدِّر المحذوفَ على هذا الوجه.
قال أبو العبّاس: سمعنا أن هذا دعاءٌ لها، دعاءٌ عليها، لأنّ الضبع والذئب إذا اجتمعا تَقاتَلَا، فأَفْلَتَتِ الغنمُ.
ومن ذلك ما حكاه سيبويه (?) عن أبي الخطّاب الأخفش -وكان من مَشايخ سيبويه- أنّه سمع بعضَ العرب، وقد قيل له: "لِمَ أفسدتم مكانَكم؟ " فقال: "الصِّبْيانَ بأبِي"، كأنّه خاف أن يُلامَ، فقال: "لُمِ الصبيانَ"، فأضمرَ ما ينصب.
ومن ذلك ما حكاه سيبويه (?) قال: "وحدَّثَني مَن يُوثَق به أنّه قيل لبعضهم: "أمَا بمكانِ كذا وَجْذٌ"؟، بالجيم المعجمة والذال المعجمة -وهو نُقْرَةٌ في الجبل تُمسِك الماءَ - فقال: بَلَى وِجاذًا، أي: أعرِفُ به وجاذًا، فأضمر العاملَ.