ومنهم من يقدّر: أنْشُدُك بعَمْرِ الله، فيكون الناصبُ "أنشدك"، وهم يستعملون "أنشدك" في هذا المعنى كثيرًا، ثمّ حُذف الباء، فوصل الفعلُ، فنصب "عمرك"، ثمّ حُذف الفعل، فبقي "عمرك الله"، و"الله" منصوبٌ بالمصدر الذي هو "عمرك"، كأنّه قال: بوَصْفك الله بالبقاء، وقد أجاز الأخفشُ الرفعَ في "الله" بالمصدر كأنّه: قال بذِكْرٍ اللهُ إيّاك بالبقاء.
وقالوا: "قِعْدَكَ الله" بمعنَى: عمرك الله، وفيه لغتان: قِعدك الله، وقَعْدك الله، ومعناه: أسألُك بقعدك أي بوَصْفك الله بالثبات والدوامِ، مأخوذٌ من قَواعِدِ البيت، وهي أُصولُه. والأصل في ذلك القُعودُ الذي هو ضِدُّ القيام لثُبوته، وعدمِ الحركة معه، ولا يُستعمل "عمرك الله" و"قعدك الله" إلَّا في القَسَم.
* * *
قال صاحب الكتاب: "والنوع الثالث نحو دفرًا وبهرًا وأُفَّةً وتُفَّةً وويحك وويسك وويلك وويبك".
* * *
قال الشارح: وأمّا القِسْم الثالث وهو، نحوُ: "دَفْرًا" وَ "بَهْرًا" و"اُفَّةً" و"تُقَّةً"، فهذه أيضًا من قبيلِ ما قبلها من المصادر من حيثُ إِنَّها غيرُ متصرِّفة بأن تكون مرفوعةً، أو مجرورةً، أو بالألف واللام، وأنّها منصوبةٌ بأفعالٍ غيرِ مستعمَلة، إلَّا أنّ الفرق بينهما أنّ ما قبلها لها أفعالٌ، ولم تُستعمل. وهذه لا يُؤْخذ منها فعلٌ ألبتّةَ، فإذا سُئِلتَ عنها مثّلتَ بقولك: "نَتْنًا" لقُرْبِ معناهما. وليس مِن "أُفَّةً" و"تُقَّةً" و"بَهْرًا" و"دَفْرًا" فعلٌ، وإنّما تَرُدّها