كذِبًا"، أو "غيرَ قِيلٍ ضعيفٍ"، ونحوِ ذلك، ممّا يدلّ على ضِدّه أو صحّتِهِ. لَجاز لحُصولِ الفائدة والتوكيدِ، وهذا هو المطلوبُ من هذا الفصل. وقال الزَّجّاج إذا قلت: "هذا زيدٌ حقًّا"، و"هذا زيدٌ غيرَ قِيل باطل"، لم يجز تقديمُ "حقًّا". لا تقول: "حقًّا هذا زيدٌ" فإن ذكرتَ بعضَ هذا الكلامِ، فوسّطتَه، وقلت: "زيدٌ حقًّا أخوك"، جاز.
وأمَّا سيبويه فلم يمنع من جَوازِ تقديمِ "حقًّا"، بل قال في الاستفهام: "أجِدَّكَ لا تفعلُ كذا وكذا"، كأنّه قال: "أحَقًّا لا تفعل كذا وكذا". ففي ذلك إشارةٌ إلى جَوازه. واعلم أنّ قولهم في الاستفهام: "أجدّك لا تفعل كذا" أصلُه من الجِدَّ الذي هو نقيضُ الهَزْل، كأنه قال: أنُجِدُّ ذلك جِدًّا" غيرَ أنّه لا يُستعمل إلَّا مضافًا حتى يُعْلَم مَن صاحبُ الجِدّ، ولا يجوز تركُ الإضافة، نحوَ: "لَبَّيْكَ"، و"مَعاذَ الله" على ما سيأتي. قال الشاعر [من الطويل]:
161 - [خليلىَّ هُبّا طالما قَدْ رَقدْتُما] ... أجِدَّكما لا تَقْضِيانِ كَراكُمَا
وأمّا ما يكون تأكيدًا لنفسه، فنحوُ قولهم: "له عليّ ألفُ درهم عُرْفًا"، ومثلُه قوله:
إني لأمنحُك الصدودَ ..........