قالوا: "لات حينُ مناص" بالرفع على أنَّه الاسم، والخبرُ محذوف. وهو قليل والأوّلُ أكثر.
و"ما" أقعدُ وأوغلُ في شَبَه "ليس" لأن "ما" لنفي ما في الحال لا غير، و"لا" قد يكون لنفي الماضي، نحو قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (?)، أي: لم يُصدق ولم يُصَلِّ. ومنه قول الشاعر [من الرجز]:
151 - وأيُّ أَمْرِ سَيِّىءٍ لا فَعَلَهْ
أي: لم يفعله، فلمَّا كانت "ما" أَلْزَمَ لنفي ما في الحال، كانت أوغلَ في الشَّبَه بـ "ليس" من "لا"، فلذلك قَلَّ استعمالُ "لا" بمعنى "ليس"، وكثر استعمالُ "ما". فكانت لذلك أعمَّ تصرُّفًا، فعمِلت في المعرفة والنكرة، نحو: "ما زيدٌ قائمًا"، و"ما أحدٌ مثلك"، و"لا" ليس لها عملٌ إلَّا في النكرة، نحو: "لا رجلٌ أفضل منك". وقال أبو الحسن الأخفش: "لا" و"لَاتَ" لا يعملان شيئًا, لأنّهما حرفان، وليسا فعلَيْن. فإِذا وقع بعدهما مرفوع، فبالابتداء، والخبر محذوف، وإذا وقع بعدهما منصوب، فبإِضمار فعل. فإذا قال: "ولات حين مَناص"، كان التَقدير: ولا أرى حين مناص. ونحو قول جَرِير [من الوافر]:
152 - فلا حَسَبا فَخَرْتَ به لتَيْمٍ ... ولاجَدًّا إذا ازْدَحَمَ الجُدُودُ