أصله مراعاةُ المشاكَلة. ومثله: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} (?). ولا خلاف في جواز ذلك. وحُكي عنه: {الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} (?)، بالادغام، وهو غير جائز عندنا؛ للجمع بين ساكنين على غير شرطه وصحّةِ مَحْمَله على الإخفاء، وأجازه الكوفيون، فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: والميم لا تدغم إلا في مثلها. قال الله تعالى: {فتلقى آدم من ربه} (?). وتدغم فيها النون والباء.
* * *
قال الشارح: الميم تدغم في مثلها كقولك: "لم تَرُم مّا لك" وكقوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (?)، {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ} (?)، و {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} (?). ولا تدغم في غيرها, لأنّ فيها غنّةّ يُذْهِبها الادغامُ. وقد رُوي عن أبي عمرو ادغامُ الميم في الباء إذا تَحرّك ما قبل الميم، مثلَ قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} (?)، و {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (?)، و {هُوَ أَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (?). وأصحاب أبي عمرو لا يأتون بباء مشدّدةً. ولو كان فيه ادغامٌ، لصار في اللفظ باءً مشدّدة؛ لأنّ الحرف إذا ادُّغم في مُقارِبه، قُلب إلى لفظه، ثمّ ادُّغم. قال ابن مجاهد: يُترجِمون عنه بادغام، وليس بادغام، إنّما هو إخفاءٌ، والإخفاء اختلاسُ الحركة، وتضعيفُ الصوت. وعلى هذا الأصل ينبغي أن يُحمل كلُّ موضع يذكر القرّاء أنّه مدّغمٌ، والقياسُ يمنع منه على الإخفاء، مثلُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ} (?)، وما أشبه ذلك من حرف مدغم قبله ساكنٌ صحيحٌ، فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: و"افْتَعَلَ" إذا كان بعد تائها مثلُها, جاز فيه البيان والادّغامُ.