فأمّا ما أنشده من قول الشاعر [من الطويل]:

فذر ذا ولكن ... إلخ

فالبيت لمُزاحِم العُقَيْليّ، والشاهد فيه ادغامُ اللام في التاء من قوله: "هتّعين"، والمراد: هَلْ تُعِين. والبرقُ الناصبُ: الذي يُرَى من بعيد. والمُتَيَّمُ: الذي قد تَيَّمَه الحُبُّ، أي: استعبده. والمعنى: ذَرْ ذا الحديثَ والأمرَ الذي ذكرتَه، ثمّ استدرك وقال: "ولكن هل تُعِين مُتَيَّمًا"، يعني نفسه، وإعانتُه له أن يسهَر معه، ويحادثَه ليَخفّ عنه ما يجده من الوَجْد عند لَمْع البرق؛ لأنّ ذلك البرق يلمَع من جهة محبوبه فيذكّره، ويأرَق لذلك. واتّفق حمزةُ والكسائىُّ على ادغام لام "بَلْ"، و"هَلْ" في التاء والثاء والسين في جميع القرآن، فقرآ: {تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (?) في "بَلْ تؤثرون" و {هَثُّوِّبَ} (?) في "هَلْ ثُوّب"، و {بسَّوَّلَتْ} (?) في "بَلْ سوّلت". ويقرأ الكسائيّ وحده بادغام لام "بَلْ"، و"هَلْ" في الطاء والضاد والزاي والظاء والنون، وقرأ {بل طَّبَعَ} (?)، و {بَل ضَلّوا} (?) , و {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} (?)، و {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ} (?)، و {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا} (?)، و {مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ} (?). وأمّا قول الآخر [من الطويل]:

تقول إذا أهلكت ... إلخ

البيت لتَمِيم بن طُرَيف العَنْبَريّ (?)، والشاهد فيه ادغامُ اللام في الشين. والمراد: "هَلْ شيءٌ"، والمعنى واضحٌ.

ولا تدغم فيها إلّا مثلُها، نحو: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ} (?)، والنونُ، كقولك:"مَن لكَ"، و {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} (?). وذلك لقرب مخرج النوَن من اللام؛ وأمّا ادغامُ الراء فيها، فسيوضَح أمره بعد هذا الفصل، فاعرفه.

فصل [ادّغام الراء]

قال صاحب الكتاب: والراء لا تُدّغم إلا في مثلها, كقوله تعالى: {واذكر ربك} (?). وتدغم فيها اللام والنون, كقوله تعالى: {كيف فعل ربك} (?) , و {إذ تأذن ربكم} (?).

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015