ولذلك ثقُلت عندهم. وقد تقدّم الكلام عليها في تخفيف الهمزة. وإذا كانت قد استُثقلت، فهي مع مثلها أثقلُ، فلذلك إذا التقت همزتان في غير موضع العين، فلا ادغامَ فيهما. ولهما بابٌ في التخفيف هو أَوْلى بهما من الادغام. فلا تدغم الهمزة إلّا أن تُليَّن إلى الواو، أو إلى الياء، فتُصادِف ما تدّغم الواوُ والياء فيه، فحينئذ يجوز ادغامُها على أنّها ياءٌ أو واوً، كقولنا في "رؤْيَة": "رِيَّةٌ"، إذا خفّفوا، فيجوز الادغامُ وتركُه. فمن لم يدغم، فلأنّ الواو يُنْوَى بها الهمزةُ. ومن ادغم، فلأنّه واوٌ ساكنةٌ بعدها ياءٌ، كقولهم: "طَوَيْته طَيًّا"، وأصله: طَوْيًا. فلا تدغم في مثلها، إلّا أن يكون عينًا مضاعفةً، وذلك في "فَعّالٍ"، و"فُعَّلٍ"، وما أشبههما ممّا عينه همزةٌ، نحو: "سَأّالٍ"، و"رَأّاسٍ"، و"جأّارٍ" من "الجُؤار"، وهو الصوت. ولو جمعت "سائلًا" و"جائرًا" على "فُعَّلٍ" لادغمتَ وقلت: "سُوَّلٌ"، و"جوَّرٌ". قال الهُذَليّ المُتَنَخِّل [من البسيط]:

1365 - لو أنّه جاءني جَوْعانُ مُهْتَلِكٌ ... من بُيَّسِ الناسِ عَنْهُ الخَيْرُ مَحجُوزُ

قوله: "بُيَّس" جمع "بائِسٍ"، فهذا في كلمة واحدة.

فأمّا إذا التقت همزتان في غير موضع العين، فلا ادغامَ، فإذا قلت: "قَرَأَ أَبوك"، فقد اجتمع همزتان، وإن كان التخفيف لإحداهما لازمًا، غير أنّ سيبويه حكى أنّ ابن أبي إسحاق كان يحقّق الهمزتين، وأنّها لغة رديئة لناسِ من العرب. وأجاز الادغامَ على قولِ هؤلاء، لكن ضعّفه، فقال: "وقد يجوز الادغام في قول هؤلاء" (?)، يعني يجوز ادغامُ الهمزتين إذا التقتا في قول هؤلاء، وإن لم تكن مضاعفة. نحو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015