و"قلنسٍ"، ومنه قول الشاعر، أنشده الأصمعي عن عيسى بن عمر [من الرجز]:
لا صبر حتى تلحقي ... إلخ
فعَنْسٌ: قبيلة من اليمن، والرِّياط: جمع رَيْطة، وهي المُلاءة إذا كانت قطعة واحدة، ولم تكن لِفقَيْن، وقال الآخر [من الرجز]:
1360 - حتّى تفَضِّى عَرْقِىَ الدُّلِيِّ
فأبدل من ضمّة القاف كسرةً، وجعلوا ذلك طريقًا إلى إبدال الواو ياءً, لأنّ الواو إذا سكنت وانكسر ما قبلها، فإنّها تُقلب ياءً على حد "مِيزان"، و"مِيعاد".
واعلم أنّ نحو: "عرق" و"قلنس" قليلٌ, لأنّ هذا الجمع بإسقاط تاء التأنيث إنما يكون في الخَلْق من نحو: "تَمْرة"، و"تَمْر"، و"قَمْحة"، و"قَمح"؛ فأمّا ما كان مصنوعًا، فهو قليل لم يأت منه إلّا اليسيرُ، نحو: "سَفِينة"، و"سَفِين". وقالوا: "قلنسوة"، و"قمحدوة"، و"عنفوان"، و"أُفعوان"، فساغ ذلك, لأنّ الواو لم تقع طرفًا حرفَ إعراب، والمكروهُ وقوعُ الواو طرفًا لِما يلزم حرفَ الإعراب من التغيير والكسرِ، فإذا صارت حشوًا صحّت, لأنّها قد أمنت أن تُكْسَر، أو يأتي بعدها الياء.
قال: ونظير ذلك "الشَّقاوة"، و"الإداوة"، و"النهاية" و"النِّكاية"، لولا الهاء، لوجب قلبُ الواو والياء همزةً كما تقلب في "رِداء"، و"كِساء" إذ قد قويت حيث لم تكن طرفًا حرفَ إعراب. وكذلك "أبوّة"، و"أخوّة" لا يَقلب الواوَ في هما ياء من يقول: "عُتِيٌّ"، و"مَشِيٌّ"، فـ "الأبوّة" و"الأخوّة" مصدران جاء على "فُعُولَةَ" بمنزلة "الحُكومة" و"الخُصومة"، فإن قيل: فقد قالوا: "أرضٌ مَسْنُوّةٌ ومَسْنِية", و"عِيشَةٌ مَرْضِيّةٌ" فقلبوا الواو ياء مع أنّ بعدها هاءً، فهلّا قالوا على هذا: "أُبُوَّةٌ"، و"أُبِيَّةٌ"، و"أُخُوَّةٌ"، و"أُخِيَّةٌ"، قيل له: الهاء في "مسنيّة"، و"مرضيّة" إنّما دخلت للتأنيث بعد أن لزم المذكّرَ القلبُ، فبقي