قال الشارح: اعلم أنّ الواو والياء تسقطان في الجزم، لأنّهما قد نزلتا منزلةَ الضمّة من حيث كان سكونهما علامةً للرفع، فحذفوهما للجزم كما تحذف الضمّة. وقد تقدّم الكلام على ذلك مستوفًا، وربما أثبتوهما في موضع الجزم. من ذلك قوله [من البسيط]:
هجوت زبّان ... إلخ
وقولُ الآخر [من الوافر]:
ألم يأتيك ... إلخ
ووجهُ ذلك أنّه قدّر في الرفع ضمّةً منويّةً، فحذفها، وأسكن الواو كما يفعل في الصحيح، وهو في الياء أسهلُ منه في الواو, لأنّ الواو المضمومة أثقلُ من الياء المضمومة. فأمّا البيت الأول، فإنّه يقول: لم تَهْجُ لأنّك اعتذرتَ، ولم تترك الهَجْوَ، لأنّك هجوت. وبعد البيت الثاني [من الوافر]:
ومَحْبَسُها على القُرَشِيِّ تُشْرَى ... بأذراعٍ وأَسْيافٍ حِدادِ
يقول: ألم يأتِك نَبَأُ لبونِ بني زياد. ودلّ عليه قوله: والأنباء تنمي. ويحتمل أن تكون الباء مزيدة مع الفاعل على حد {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (?). وحسن زيادةُ الباء إذ كان المعنى: ألم تسمع بما لاقت. وبنو زياد الرَبيع بن زياد العَبْسيّ وإخوتُه، وهم الكَمَلَةُ أولادُ فاطمةَ بنت الخُرْشُب.
والشعرُ لقيس بن زُهَير. وسببُ هذا الشعر أنّ الربيع طلب من قيس دِرْعًا، وبينما هو يخاطبه، والدرعُ مع قيس إذ أخذها الربيعُ، وذهب، فلقي قيسٌ أُمَّ الربيع فاطمةَ، فأسرها لِيرتهنَها على ردّ الدرع، فقالت له: يا قيس، أين عزب عنك عقلُك، أتُرَى بني زياد مُصالِحيك، وقد أخذتَ أُمَّهم، فذهبتَ بها، وقد قال الناس ما قالوا، فخَلَّى عنها،