و"جَرامِيقُ"، فإن كان ياءً، بقي على حاله كـ"قِنْدِيل" و"قَنادِيلَ". وإنّما حذف الشاعر للضرورة. وما حُذف للضرورة فهو كالمنطوق به في الحكم، فلذلك لم تهمز. وأمّا قول الآخر [من الرجز]:
فيها عيائيل أسود ونمر (?)
فهو عكسُ "عَواوِرَ", لأنّ في "عواور" نقصَ حرف، وهو الياء، وهو مراد في الحكم، و"عيَائِيلُ" فيه زيادةُ ياء وليس بمراد. وإنّما هو إشباعٌ حدث عن كسرة الهمزة، تَشبَّه بالياء في "الصَّيارِيف"، و"الدَّراهِيم" فلم يكن به اعتدادٌ، وصارت الياء في الحكم مجاوِرةً للطرف، فهُمزت لذلك.
ومن ذلك قولهم: "صُيَّمٌ" و"قُيَّمٌ" في جمع "صائمٍ" و"قائمٍ". وفي هذا الجمع وجهان: أجودُهما: "صُوَّمٌ" و"قُوَّمٌ" بإثبات الواو على الأصل، والَوجه الآخر: "صُيَّمٌ" و"قُيَّمٌ" بقلب الواو ياءٌ. والعلّةُ في جواز القلب في هذا الجمع أنّ واحده قد أُعلّت عينه، نحو: "صائمٍ" و"قائمٍ"، والجمع أثقلُ من الواحد، وجاورت الواو الطرفَ، فقلبوا الواو ياء، كما قلبوها في "عُصِيّ" و"عُتِيّ"، وربّما قالوا: "صِيَّمٌ"، و"قِيَّمٌ" بكسر أوّله، كما قالوا: "عِصِيٌّ"، و"حِقِيٌّ". قال الشاعر [من الطويل]:
1342 - فبَاتَ عَذوبًا للسَّماءِ كأنَّما ... يُوائِمُ رَهْطًا للعَرُوبَةِ صِيَّمَا
فهذا الإبدال في "صيّم" و"قيّم" نظيرُ الهمز في "أوائِلَ" و"عَيائِلَ" في كون الإعلال فيهما للقرب من الطرف. والذي يدلّ أنّ القلب في "صُيَّم" للمجاورة أنّ حرف العلّة إذا تَباعد عن الطرف، لم يجز القلبُ، نحو: "صُوّامٍ". وربما قلبوا مع تباعُده من الطرف. قال ذو الرّمة [من الطويل]:
ألا طَرَقتْنا مَيَّةُ ابْنَةُ مُنذِرٍ ... فما أَرَّقَ النُيّامَ إلا سَلامُها