وهي النافرة. عدلوا إلى التخفيف بالإسكان كما عدلوا إلى التماس التخفيف بقَلْبهم الواوَ المضمومةَ همزةً. قال سيبويه (?): وألزموا هذا الإسكانَ إذ كانوا يُسكنون عين الصحيح من نحو: "رُسُلٍ"، و"عَضُدٍ" لثقل الضمّة عليها، يريد أنّهم حملوا تخفيفَهم "نُورًا"، و"غونًا" على تخفيفهم في الصحيح.

وإذا كان ذلك جائزًا مع غير المعتلّ الذي لا يثقل عليه الحركاتُ، كان مع الواو لازمًا. وقد جاء على الأصل في الشعر. قال عَدِيُّ بن زيد [من الكامل]:

عن مُبرِقاتٍ بالبُرِينَ فيَبْـ ... ـدو بالأَكُفِّ اللامِعاتِ سُوُرْ (?)

يُعنّف نفسَه على الوَلوع بالنساء بعد المَشِيب والكِبَر، وقبله:

قد حَان لو صحوت أَنْ تقصرا ... وقد أتى لما عَهِدْتَّ عُصُرْ

الشاهد فيه تحريك الواو من "سُوُرٍ" بالضم، وهو جمعُ "سِوارٍ". والمعنى: قد حان أنّ تقصر عن طِلْبةِ مُبْرِقات بالبرين. والمُبْرِقاتُ من النساء التي تُظْهِر حَلْيَها لينظرَ إليها الرجلُ، فيميلوا إليها. والبُرُون: الخَلاخِلُ، وأصله البُرَةُ في أنف البعير، وهي حَلْقةٌ من صُفْرٍ، وكلُّ حلقة من سِوار وقُرْط وخَلْخال وما أشبهها فهي بُرَةٌ. والمراد بالأكفّ اللامعات أي أَذْرُعُ الأكفّ, لأنّ السوار لا يكون إلّا في الذراع، لا في الكفّ. وقال الآخر - أنشده أبو زيد عن الخليل [من المتقارب]:

1338 - اغَرُّ الثنايَا أَحَمُّ اللِّثاتِ ... يُحسِّنُه سُوُكُ الإِسْحِلِ

واستعمالُ الأصل الذي هو الضمّ ههنا من ضرورات الشعر عند سيبويه (?)، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015