وقوله تعالى: {فصبرٌ جميلٌ} (?) يحتمل الأمرين. أي فأمري صبرٌ جميلٌ أو فصبرٌ جميلٌ أجملُ".

* * *

قال الشارح: اعلم أن المبتدأ والخبر جملةٌ مفيدةٌ تحصل الفائدةُ بمجموعهما، فالمبتدأ معتمَدُ الفائدة، والخبرُ محلُّ الفائدة، فلا بدّ منهما، إلَّا اْنّه قد تُوجَد قَرِينةٌ لفظيةٌ، أو حاليّةً تُغْنِي عن النُّطْق بأحدهما، فيُحْذَف لدلالتها عليه، لأنّ الألفاظ إنّما جيءَ بها للدلالة على المعنى، فإذا فُهم المعنى بدون اللفظ، جاز أن لا تأتي به، ويكون مرادًا حُكْمًا وتقديرًا.

وقد جاء ذلك مَجِيئًا صالحًا، فحذفوا المبتدأ مُرَّةً، والخبرَ أخرى، فممّا حُذف فيه المبتدا قولُ المستهِلّ: "الهِلالُ وَاللهِ" أي: هذا الهلالُ والله، والمستهلُّ طالبُ الهلال كما يقال لطالبِ الفَهْم: مستفهِمٌ، ولطالبِ العِلْم: مستعلِمٌ. ومثله إذا شممتَ رِيحًا طَيبةً قلت: "المِسْكُ والله" أي: هو المسكُ والله، أو هذا المسكُ، وكذلك لو رأيت صورةَ شخص فصار آية لك على معرفةِ ذلك الشخص، فإذا رأيتَه بعدُ قلت: "عبدُ الله ورَبّي"، كانّك قلت: "ذاك عبدُ الله"، أو"هذا عبدُ الله"، وكذلك لو حُدِّثْتَّ عن شمائل رجلٍ، ووُصف بصفاتٍ مثلَ "مررت برجلٍ راحمِ المَساكين بارٍّ بوالدَيْه" فعُرّف بتلك الأوصاف، فقلت: "زيدٌ واللهِ"، أي: هو زيدٌ، أو المذكور زيدٌ؛ وأمّا بيتُ المُرَقَّش الأكبر [من السريع]:

لا يُبْعِدِ الله التلَبُّبَ والغاراتِ ... إذ قال الخَمِيسُ نَعَمْ

فالتلبُّب: لُبْسُ السلاح، والخميسُ: الجَيشُ، والنَّعَمُ: الإبلُ، قال الفرّاء: هو ذَكَرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015