وإنّما قل ذلك؛ لأنّهم كرهوا الضمّة بعد الياء، كما كرهوا بعدها الواو، ولذلك قَلَّ نحو: "يَوْم"، و"يُوح"، على ما ذكرناه.
فإن انفتح ما بعد الواو في المضارع، نحو: "وَجِلَ يَوْجَل"، و"وَحِلَ يَوحَل"، فإنّ الواو تثبت، ولا تحذف لزوالِ وصف من أوصاف العلّة، وهو الكسرُ، نحو قولك: "يُوعَد"، و"يُوزَن" ممّا لم يُسَم فاعله، قال الله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (?)، فحُذفت الواو من "يلد" لانكسار ما بعدها، وثبتت في "يولد" لأجل الفتحة.
فأمّا قولهم: "يَضَعُ" و"يَدَعُ"، فإنّما حُذفت الواو منهما؛ لأنّ الأصل "يَوْضِعُ" و"يَوْدِعُ"، لما ذكرناه من أن "فَعَلَ" من هذا إنّما يأتي مضارُعه على "يَفْعِلُ" بالكسر، وإنّما فُتح في "يضع"، و"يدع" لمكان حرف الحلق، فالفتحةُ إذًا عارضة، والعارضُ لا اعتدادَ به، لأنّه كالمعدوم، فحذفت الواو فيهما؛ لأنّ الكسرة في حكم المنطوق به، فلذلك قال: لفظًا أو تقديرًا، فاللفظ في "يَعِدُ"؛ لأنّ الكسرة منطوق بها، والتقديرُ في "يَسَعُ" و"يَضَعُ"؛ لأنّ العين مكسورة في الحكم، وإن كانت في اللفظ مفتوحة.
فأمّا "عِدَةٌ": و"زِنَةٌ" إذا أريد بهما المصدرُ، فالواو منهما محذوفة، والأصلُ: "وِعْدَةٌ"، وفي "وِزْنَةٌ". والذي أوجب حذفَها ههنا أمران: أحدهما كونُ الواو مكسورةً، والكسرةُ تُستثقل على الواو، والآخرُ كون فعله معتلاًّ، نحو: "يعد"، و"يزن"، على ما ذكرتُ، والمصدرُ يعتل باعتلال الفعل، ويصح بصحّته، ألا تراك تقول: "قُمْتُ قِيامًا"، و"لُذتُ لِياذًا"، والأصلُ "قِوامًا" و"لِواذًا"، فأعللتَهما بالقلب لاعتلال الفعل؟ ولو صحّ الفعلُ لم يعتل المصدرُ، وذلك نحو قولك: "قاوَمَ قِوامًا"، و"لاوَذ لِواذًا"، فيصحّ المصدرُ