وأمّا قوله تعالى: {وسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (?) و {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} (?) فـ "محياهم" مبتدأٌ، و"مماتهم" عَطْفٌ عليه، و "سواءٌ" خبرٌ مقدَّمٌ. وإنّما وُحِّدَ الخبر هاهنا والمُخْبَرُ عنه اثنان لوجهين: أحدهما أن "سواء" مصدرٌ في معنى اسم الفاعل في تأويل مُسْتَوٍ، والمصدر لا يثنَّى ولا يُجْمَع، بل يُعبَّر بلفظةِ الواحد عن التثنية والجمع، فيقال: "هذا عَدلٌ"، و"هذان عدلٌ"، و"هؤلاء عدلٌ"، فكذلك هاهنا. والوجه الآخر أن يكون أراد التقديمَ والتأخير، كأنّه قال: "محياهم سواءٌ ومماتُهم"، كما قال [من الطويل]:

133 - [فمنْ يكُ أَمْسَى بالمدينةِ رحلُه] ... فإني وقَيّارٌ بها لَغَرِيبُ

أراد: فإني لغريبٌ بها وقيّارٌ، وكذلك قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} الفعل هاهنا في تأويل المصدر، والمعنى: سواءٌ عليهم الإنذار وعدم الإنذار، فـ "الإِنذار" وما عطف عليه مبتدأ في المعنى، و"سواءٌ" الخبرُ، وقد تقدّم: و"سواءٌ" مصدرٌ في معنى اسم الفاعل، والتقدير: مستَوِيان على ما تقدّم، ألا ترى أنّ موضع الفائدة الخبرُ، والشكُّ إنّما وقع في استواءِ الإنذار وعدمه، لا في نفس الإنذار وعدمه، ولفظُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015