فلا يحسن؛ لأنّ فيه تكرارَ الألف مرّتين. وقالوا أيضاً: "أسلمني وتاهَ". وقالوا: "الموتُ يَنساهُ".
وليس المراد من قولنا: "حروف الزيادة" أنّها تكون زائدة لا محالةَ؛ لأنهّا قد تُوجد زائدةً، وغيرَ زائدة، وإنما المراد أنّه إذا احتيج إلى زيادةِ حرف لغرض، لم يكن إلّا من هذه العشرة.
وأصلُ الحروف الزيادة حروف المدّ واللين التي هي الواو والياء والألف، وذلك لأنّها أخفُّ الحروف، إذ كانت أوسعَها مَخْرجًا، وأقلّها كُلْفَةً. وأمّا قول النحويّين: إِنّ الواو والياء ثقيلتان، فبالنسبة إلى الألف؛ وأمّا بالنسبة إلى غيرها من الحروف فخفيفتان. وأيضًا فإنّها مأنوسٌ بزيادتها، إذ كلُّ كلمة لا تخلو منها، أو من بعضها. ألا ترى أنّ كلّ كلمة إن خلت من أحد هذه الحروف، فلن تخلو من حركة: إمّا فتحةٍ، وإمّا ضمّةٍ، وإمّا كسرةٍ؟ والحركاتُ أبعاضُ هذه الحروف، وهي زوائدُ لا محالةَ، فلمّا احتيج إلى حروف يزيدونها في كلمهم لأغراض لهم، كانت هذه الحروف أَوْلى، إذ لو زادوا غيرَها, لم تُؤمَن نَفْرَةُ الطَّبع والاستيحاشُ من زيادته، إذ لم تكن زيادته مألوفةٌ. وغيرُ حروف المدّ من حروف الزيادة مشَبَّهٌ بها، ومحمولٌ عليها. فمن ذلك الهمزةُ، فإنّها تُشْبِه حروف المدّ واللين من حيث إنّها بصورتها، ويدخلها التغييرُ بالبدل والحذف، وهي مُجاوِرةُ الألف في المَخرج. فلمّا اجتمع فيها ما ذُكر من شَبَه حروف المدّ واللين اجتمعت معها في الزيادة.
وأمّا الميم، فمُشابِهٌ للواو؛ لأنّهما من مَخرج واحد، وهو الشفة، وفيها غُنَّةٌ تمتدّ إلى الخيشوم، فناسبت بغُنّتها لين حروف اللِين.
وأمّا النون، ففيها أيضًا غنّةٌ، ومخرجُها إذا كانت ساكنة من الخيشوم، بدليلِ أنّ الماسك إذا مسك أنفَه لم يمكنه النطقُ بها, وليس لها فيه مخرجٌ معيِّنٌ، بل تمتدّ في الخيشوم امتدادَ الألف في الحلق، ولذلك حذفوها لالتقاء الساكنين من قوله [من الطويل]:
1260 - [فَلَسْتُ بآتِيه ولا أستَطِيعُه] ... ولاكِ اسقِني إنْ كان ماؤكَ ذا فَضْلِ