حسب تفاوُت الكثرة يتفاوت التخفيفُ. لمّا كان القسم ممّا يكثر استعمالُه، ويتكرّر دَوْرُه، بالَغُوا في تخفيفه من غير جهة واحدة.
وقوله: "توخّوا ضروبًا من التخفيف" أي: قصدوا وتَحَرَّوْا أنواعًا من التخفيف.
فمن ذلك أنّهم قد حذفوا فعل القسم كثيرًا للعلم به والاستغناء عنه، فقالوا: "باللَّهِ لأقومنّ"، والمراد: أحلفُ بالله. قال الله تعالى: {بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (?) في أحد الوجهَيْن هو القسمُ، وفي الوجه الآخر يتعلّق بقوله: "لاَ تُشْرِكْ".
وربّما حذفوا المقسم به، واجتزؤوا بدلالة الفعل عليه، يقولون: "أُقْسِم لأفعلنّ"، و"أشهدُ أفعلنّ"، والمعنى: أقسم بالله أو بالذي شاء في أُقسِم به (?). وإنّما حُذفت لكثرة الاستعمال، وعلْمِ المخاطب بالمراد. قال الشاعر [من الطويل]:
1240 - فأُقْسِمُ أَنْ لَوِ التَقَيْنا وَأَنْتُمُ ... لَكان لَكُمْ يومٌ مِنَ الشَّرّ مُظْلِمُ
وقال الآخر [من الطويل]:
فأُقْسِمُ لَوْ شيءٌ أتانا رَسُولُه ... سِواكَ ولكِنْ لم نَجِدْ لك مَدْفَعا (?)
وقال الفقهاء: لو قال: "أُقْسِم"، أو "أحلفُ"، أو "أشهدُ"، ثمّ حَنِثَ، وجبتْ عليه الكَفّارةُ؛ لأنّه يصرف إلى معنى أقسم بالله ونحوه، إذ كان يلزم المسلمَ إذا حلف أن