وزعم الفَرّاء أنّ "أحَدًا" في الآية يرتفع بالعائد الذي عاد إليه، وهو ضميرُ الفاعل الذي في "استجارك". وهو قول فاسد، لأنّا إذا رفعناه بما قال، فقد جعلنا استجارك خبرًا لـ "أحد" وصار الكلامُ كالمبتدأ والخبر.

وأمّا بيت الحماسة [من البسيط]:

إذا لَقامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ ... عندَ الحَفِيظة إنْ ذُو لُوثَةٍ لانَا

الشاهد فيه: رفعُ "ذو لوثة" بفعل مضمر دلّ عليه "لَانَا"، والتقديرُ: "إن لانَ ذو لوثة لانَا"، لمكانِ حرف الجزاء، وهي "إنْ"، واقتضائها الفعلَ، وأنه لا يقع بعدها مبتدأٌ وخبرٌ؛ لا يجوز أن يُقال: "إنْ زيدٌ قائمٌ أكرمتُك".و"الخُشُنُ"؛ جمعُ "أخْشَنَ"، بمعنى "الخُشْن"، والجمعُ "خُشْنٌ" بسكون الشين، نحوُ قوله [من الرجز]:

131 - ألْيَنُ مَسًّا في حَوايَا البَطْنِ ... مِن يَثْرِبِيّاتٍ قِذَاذٍ خُشْنِ

وتحريكُ الشين في البيت ضرورة، و"الحَفِيظةُ": الغَضَبُ. و"اللُّوثَةُ": الضُّعْفُ والاسترخاءُ؛ أبي: إنهم يخشُنُون إذا لانَ الضعيفُ لَعَجْزٍ أو ذِلَّةٍ. يصِفهم بالمَنَعَة.

وأما المَثَل، وهو قولهم: "لو ذاتُ سِوارٍ لطمتَني"، فالاسمُ الذي هو"ذات سوار" مرتفعٌ بعد "لَوْ" بفعل مقدر دلّ عليه "لطمتني"، والتقديرُ: "لو لطمتني ذاتُ سوار لطمتني"، من قِبَل أنّ "لَوْ" تقتضي الفعلَ اقتضاءَ "إن" الشرطيّةِ, لأنّ "لَوْ" شرطٌ فيما مضى، كما أنّ "إنْ" شرطٌ فيما يستقبل.

ويحكى أنّ حاتمًا الطائيّ أُسر في بلادِ بني عَنْزَةَ، فغاب عنها الرجالُ، وبقي فيما بين نسائهم حاتمٌ مقيَّدًا مغلولًا، ثمّ اتفق لهنّ الارتحالُ، فارتحلن بحاتم. فلمّا بلغْن بعضَ الطريق، مَسَّهن الجُوعُ. وكان عادةُ الجاهِلية أكْلَ الفَصِيد في المَخْمَصَة (?). فقال: افْكُكْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015