وقال أبو النجم [من الرجز]:
1221 - فقرَّبن هذا وهذا زحله
ولا تقول: "رأيت البكر".
* * *
قال الشارح: اعلمِ أنّه يجوز في الوقف الجمع بين ساكنين؛ لأنّ الوقف يُمكِّن الحرف، ويستوفي صوتَه، ويُوَفِّره على الحرف الموقوف عليه، فيجري ذلك مجرى الحركة؛ لقوّة الصوت واستيعابهِ، كما جرى المدُّ في حروف المدّ مجرى الحركة. وليس كذلك الوصلُ؛ لأنّ الآخِذ في متحرِّكٍ بعد الساكن يُمْنَع من امتداد الصوت؛ لصَرْفه إلى ذلك المتحرّك. ألا ترى أنّك إذا قلت: "بَكُرْ" في حال الوقف، تجد في الراء من التكرير وزيادة الصوت ما لا تَجِده في حال الوصل؟ وكذلك الدالُ في "زيد" وغيرُهما من الحروف؛ لأنّ الصوت إذا لم يجد مَنْفَذًا، انضغط في الحرف الموقوف عليه، ويُوفَّر فيه، فلذلك يجوز الجمعُ بين ساكنين في الوقف، ولا يجوز في الوصل.
ومن الناس من يكره اجتماع الساكنين في الوقف كما يكره ذلك في الوصل، فيأخذ في تحريك الأوّل؛ لأنّه هو المانعُ من الوصول إلى الثاني، فحرّكوه بالحركة التي كانت له في حال الوصل. فإن كان مرفوعًا حوّلوا الضمّة إلى الساكن قبله، ويكون في ذلك تنبيهٌ على أنّه كان مرفوعًا، وخروجٌ عن عُهْدة الساكنين. وكذلك الجرُّ، تقول في المرفوع: "هذا بَكُرْ"، والأصل: "هذا بَكرٌ يا فتى"، وفي الجرّ: "مررت ببكِرْ"، والأصل: "ببَكْرٍ يا فتى". قال الشاعر [من المتقارب]:
1222 - أَرَتْنِيَ حِجْلاً على ساقِها ... فهَشَّ الفُؤادُ لذاك الحجِلْ