"غَزَا"، و"دَنا" المنقلبةِ من واو، فأجروا العينَ كاللام، وإن كانت العين أبعدَ من الإمالة.
ومَن أمال "هذا بابٌ ومالٌ" لم يمل "هذا ساقٌ"، ولا "قارٌ"؛ لأنّه لم يبلغ من قوّة الإمالة في بابٍ أن تمال مع حروف الاستعلاء. قال أبو العبّاس: لا تجوز الإمالةُ في "بابٍ" و"مالٍ"؛ لأنّ لام الفعل قد تنقلب ياءً، وعين الفعل لا تنقلب. قال أبو سعيد السيرافيّ: وقول سيبويه أمثلُ؛ لأنّ عين الفعل قد تنقلب أيضًا فيما لم يُسمّ فاعله، نحو: "قِيلَ"، و"عِيدَ المريضُ". وقد تُنْقَل بالهمزة، فتُقْلَب ألفه ياء في المستقبل، نحو: "يُقِيل"، و"يُقِيم". قال سيبويه (?): والذين لا يميلون في الرفع والنصب أكثرُ وأعمُّ في كلامهم.
وأمّا "عابٌ"، و"نابٌ" فمن الياء، و"عابٌ" بمعنى عَيْبٍ، فهو من الياء، وكذلك "نابٌ"؛ لقولهم في تكسيره: "أنْيابٌ"، وفي الفعل: "يَنِيبُ".
وقوله: "هؤلاء من الواو" راجعٌ إلى "العَشا"، و"المَكا"، و"الكِبا"، فالعَشاء: هو الطعام، والعشا مقصورًا - وهو المراد ها هنا -: مصدرُ الأَعْشَى، وهو الذي لا يُبصِر بالليل، ويبصر بالنهار، وهو من الواو؛ لقولهم: "امرأةٌ عَشْواء"، و"امرأتان عَشْواوان". وإنّما سوّغ إمالتَه كونُ ألفه يصيرُ ياء في الفعل، نحو قولك: "أَعْشاه الله فعَشِيَ"، بالكسر، يَعْشى عَشًا. وقالوا: "هما يعشيان"، ولم يقولوا: "يعشوان"؛ لأنّ الواو لمّا صارت في الواحد ياءً، تُركت على حالها في التثنية، فلمّا كانت تصير إلى ما ذكرنا من الياء، سوّغوا فيها الإمالةَ، وإن كان أصلها الواو. وأمّا "المُكاء" بالمدّ، فهو الصَّفِير من قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (?). و"المَكا" بالفتح والقصر: جُحْرُ الثعلب والأرنب، فهو من الواو؛ لقولهم في معناه: "مَكْوٌ". قال الشاعر [من المديد]:
1214 - كم به مِن مَكْوِ وَحْشِيّةٍ ... قِيظَ في مُنْتَثَلٍ أو شِيامْ