بإدخال النون وتخليصِه للاستقبال، إذ لو قلت: "إنَّ زيدًا لَيقومُ"، جاز أن يكون للحال والاستقبال بمنزلةِ ما لا لامَ فيه. فإذا قلت: "إنّ زيدًا لَيقومنّ"، كان هذا جوابَ قسم، والمرادُ: الاستقبال لا غير. وذهب أبو عليّ إلى أنّ النون هنا غيرُ لازمة، وحكاه عن سيبويه، قال: ولَحاقُها أكثرُ. والسيرافيّ وجماعةٌ من النحويين يرون أنّ لحاق النون يقع لازمًا للفصل الذي ذكرناه، وهو الظاهر من كلام سيبويه (?)، ودْلك قوله: إِنّ اللام إنّما لزمت اليمينَ كما لزمت النون اللامَ، وهذا نصٌّ منه.
ومن ذلك فعل الأمر والنهي والاستفهام، تقول في الأمر: "اضربَنَّ زيدًا"، وفي النهي: "لا تضربَنَّ زيدًا". قال الله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} (?) وقال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (?). وتقول في الاستفهام: "هل تضربنّ جعفرًا؟ " قال الشاعر [من الطويل]:
وإيّاك والمَيْتاتِ لا تَقرَبَنَّها ... ولا تَعْبُدِ الشيْطانَ واللهَ فاعْبُدا (?)
فقال: "لا تقربنّها" بالنون الشديدة في النهي، وقال: "والله فاعبدا"، فأتى بالنون الخفيفة مع الأمر، ثمَّ وقف فأبدل منها الألفَ. وتقول في الاستفهام: "هل تقولَنَّ ذلك؟ " قال الأعشى [من المتقارب]:
1204 - وهل يَمنَعَنِّي ارتِيَادُ البلادِ ... مِن حَذَرِ الموتِ أنّ يَأتِيَن
والأصل دخولها على الأمر والنهي للتوكيد. والاستفهامُ مضارعٌ للأمر؛ لأنّه واجبٌ، وفيه معنى الطلب. فإذا قلت: "هل تفعلنَّ كذا؟ " فإنّك تستدعي منه تعريفَك كما يستدعي الآمِرُ الفعلَ. وكان يونس (?) يجيز دخولَ هذه النون في العَرْض، فيقول: "ألا