فصل [زيادة "ما" بعد "إنْ"]

قال صاحب الكتاب: وتجيء مع زيادة "ما" في آخرها للتأكيد. قال الله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} (?) , وقال [من الطويل]:

فإمّا تريني أزجي ظعينتي ... [أُصعِّدُ سيرًا في البلاد وأفرع] (?)

* * *

قال الشارح: قد تزاد "ما" مع "إن" الشرطيّة مؤكدةً، نحوَ قولك: "إمّا تأتني آتِك" والأصلُ: "إن تأتني آتِك". زيدت "ما" على "إنْ" لتأكيدِ معنى الجزاء. ويدخل معها نونُ التوكيد، وإن لم يكن الشرط من مواضعها؛ لأنّ موضعها الأمرُ والنهيُ وما أشبههما ممّا كان غير موجب، وذلك نحو قوله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} (?)، وقال سبحانه: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} (?)، وقال. {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} (?).

والعلّةُ في دخولها أنها لمّا لحقت أوَّلَ الفعل بعد "إنْ"، أشبهت اللامَ في "واللهِ لَيَفعَلَنَّ"، فجامعتْها نونا التأكيد، كما تكون مع اللام في "ليفعلنّ". وجهةُ التشبيه بينهما أنّ "ما" هنا حرفٌ تأكيد، كما أن اللام مؤكّدةٌ، والفعلُ واقعٌ بعدها كما يقع بعد اللام، والكلامُ غيرُ واجب كما هو كذلك في الأمر والنهي. فلمّا شابهت اللامَ في ذلك، لزمت الفعلَ بعدها النونُ في الشرط، كما لزمت اللامَ في "ليفعلنّ"، وصار الشرط في مواضع النون بعد أن لم يكن موضعًا لها. وقد جاءت أخبارٌ مُثْبَتةٌ قد لزمها النونِ لدخول هذا الحرف أعني "ما" المؤكدةَ في أوائلهنّ، وذلك قولهم: "بعَيْنٍ مّا أرَيَنَّكَ" (?)، و [من الطويل]:

ومِن عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها (?)

وإذا لزمت النون هذه الأخبارَ الصريحةَ لوجود هذا الحرف، فدخولُها مع فعل الشرط أوْلى لِما ذكرنا. وقد يجوز أن لا تأتى بهذه النون مع فعل الشرط. وذلك نحوُ قولك: "إمّا تأتني آتِك". قال الشاعر، أنشده أبْو زيد [من الكامل]:

1177 - زعمتْ تماضِرُ أنَّني إما أمُت ... يَسْدُدْ أُبَينُوها الأصاغِرُ خَلّتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015