الثاني لعدم وجود الأول. فالممتنعُ لامتناع غيره هو الثاني، امتنع لامتناع وجود الأوّل، وإنْ يتوقف بها وجودُ الثاني على وجود الأوّل، ولم يتحقّق الامتناعُ ولا الوجودُ.

فـ "إنْ" إذا وقع بعدها الماضي، أحالت معناه إلى الاستقبال. و"لَوْ" إذا وقع بعدها المستقبل أحالت معناه إلى المضيّ، نحوَ قوله تعالى: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} (?) أي: لو أطاعكم، فهي خلافُ "إن" في الزمان، وإن كانت مثلها من جهةِ كون الأوّل شرطًا للثاني. ولذلك قال صاحب الكتاب فيهما: إنهّما يدخلان على جملتَين، فيجعلان الأولى شرطًا والثانيةَ جزاءً، كقولك: "إنْ تضربْني أضربْك"، و"لو جئتَني لأكرمتُك"، فيتوقّف وجودُ الضرب الثاني على وجود الضرب الأول، كما يتوقف الإكرام على وجود المجيء. وزعم الفراء أن "لَوْ" قد تستعمل للاستقبال بمعنى "إنْ".

فصل [فعل الشرط وجوابه]

قال صاحب الكتاب: ولا يخلو الفعلان في باب "إن" من أن يكونا مضارعين، أو ماضيين، أو أحدهما مضارعاً والآخر ماضياً. فإذا كانا مضارعين, فليس فيهما إلا الجزم، وكذلك في أحدهما إذا وقع شرطاً. فإذا وقع جزاء, ففيه الجزم والرفع. قال زهير [من البسيط]:

1171 - وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حَرِمُ

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015