قال الشارح: هذا هو الظاهر من كلام سيبويه، وذلك أنّه قال عقيبَ الكلام على "مَنْ"، و"مَتى"، و"ما": وكذلك "هَلْ"، إنْما هي بمنزلةِ "قَدْ"، ولكنّهم تركوا الألف إذ كانت "هَلْ" إنما تقع في الاستفهام. كأنّه يريد أن أصل "هل" أن تكون بمعنَى "قَدْ"، والاستفهام فيها بتقدير ألف الاستفهام، كما كان كذلك في "مَنْ"، و"مَتى"، و"ما". الأصلُ: "أمَنْ"، و"أْمَتى"، "أما". ولقا كثُر استعمالها في الاستفهام، حُذفت الألف للعلم بمكانها.
قال السيرافي: وأمّا "هَل"، فإنّها حرفٌ دخلت لاستقبال الاستفهام، ومنعت بعضَ ما يجوز في الألف، وهو اقتطاعُها بعضَ الجملة، وجوازُ التعديل والمساواة بها. فلمّا دخلت مانعةٌ لشيء ومجيزةً لشيء، صارت كأنهّا ليست للاستفهام المطلق، فقال لذلك سيبويه: إنّها بمعنَى "قَدْ". والذي يؤيد أنّها للاستفهام بطريق الأصالة أنّه لا يجوز أن تدخل عليها همزةُ الاستفهام، إذ من المُحال اجتماعُ حرفَين بمعنى واحد.
فإن قيل: فقد تدخل عليها "أمْ"، وهي استفهامٌ، نحوَ قوله [من البسيط]:
أم هَل كَبِيرٌ بَكَى لم يَقضِ عَبْرَتَهُ ... إثر الأحبَّة يومَ البَين مَشكُومُ (?)
ونحو قوله [من الكامل]:
1169 - [هل غادرَ الشُّعراءُ من متَرَدِّمِ] ... أمْ هل عرفتَ الدارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ