المدَّ، فاستُعملت للقريب. وقد يستعملون الحروف الموضوعة للمدّ موضعَ "أيْ" والهمزةِ، أعني للقريب، ولمن كان مُقبِلًا عليك توكيدًا. ولا يستعملون الهمزةَ و"أيْ" في مواضع الثلاثة الأول، أعني للبعيد.
وأصلُ حروف النداء "يا"؛ لأنها دائرةٌ في جمع وجوده؛ لأنها تُستعمل للقريب والبعيد والمستيقظِ والنائم والغافل والمُقبِل، وتكون في الاستغاثة والتعجب. وقد تدخل في النُّدبة بدلاً من "وا". فلما كانت تدور فيه هذا الدوَرانَ، كانت لأجل ذلك أُم الباب والأصلَ في حروف النداء، فإذا "أيا"، وَ"هَيا" أُختان؛ لأنهما للبعيد ولكل ما أُريد مدُّ الصوت به.
وقد اختلف العلماء في "أيا" و"هَيا"، فقال الأكثرُ: هما أصلان، وليس أحدهما بدلًا من الآخر. وذهب ابن السكيت إلى أن الأصل في "هَيا": "أيا"، والهاءُ بدلٌ من الهمزة على حد قولههم في "إياكَ"، "هِياكَ". قال الشاعر [من الطويل]:
1149 - فَهِيَّاكَ والأمرَ الذي إنْ تَوسعتْ ... مَوارِدُهُ ضاقَتْ عليك مَصادِرُهْ
وقول الآخر [من الرجز]:
1150 - فانصرفت وَهي حَصان مُغْضَبَه ... ورفعتْ بصَوْتِها هَيَا أبَهْ