فقد حمله سيبويه (?) على إرادةِ "إما" أيضًا، و"إنْ" فيه محذوفةٌ من "إما"، يريد: وإما من خريف. ولا يجوز طرح "ما" من "إمَّا" إلَّا في ضرورة. وقدر ذلك أبو العباس المبرد من الغلط، فقال: "ما" لا يجوز إلغاؤُها إلَّا في غاية من الضرورة. ولا يجوز أن يُحمَل الكلام على الضرورة ما وُجد عنه مندوحةٌ، مع أن "إما" يلزمها أن تكون مكررة، وهاهنا جاءت مرةً واحدةً. قال أبو العباس: لو قلت: "ضربتُ إمّا زيدًا"، لم يجز؛ لأن المعنى: إما هذا، وإما هذا. وصحةُ مَحْمَله على ما ذهب إليه الأصمعى أنها "إن" الجزائية. والمراد: وإن سقته من خريف، فلن يعدم الري، ولم يحتج إلى ذكرِ "سقته" مرة ثانية؛ لقوله: "سقته الرواعد من صيف"، كأنه اكتفى بذكره مرة واحدة. ولا يبعد ما قاله سيبويه، وإن كان الأول أظهرَ، فيكون اكتفى بـ "إِمَّا" مرة واحدة، وحذف بعضها، كأنه حملها على "أوْ" ضرورة، وتكون الفاء عاطفة جملة على جملة، وعلى القول الأول جوابَ الشرط. ونظيرُ استعماله "إما" هنا من غير تكرير قولُ الفرزدق [من الطويل]:
1138 - تُهاضُ بدار قد تَقادم عَهْدُها ... وإما بأمْوات ألَم خَيالُها
* * *