قال صاحب الكتاب: ويقال في "أو" و"إما" في الخبر أنهما للشك، وفي الأمر إنهما للتخيير والإباحة, فالتخيير كقولك أضرب زيداً أو عمراً، وخذ إما هذا وإما ذلك, والإباحة (?) كقولك: "جالس الحسن أو ابن سيرين"، و"تعلم إما الفقه وإما النحو".
* * *
قال الشارح: قد تقدّم القول: إن الباب في "أوْ" أن تكون لأحد الشيئين أو الأشياء في الخبر وغيرِه، تقول في الخبر: "زيدٌ أو عمرو قام" والمراد أحدهما، وتقول في الأمر: "خُذْ دينارًا أو ثوبًا"، أي: أحدَهما، ولا تجمع بينهما. ولها في ذلك معانٍ ثلاثةٌ: أحدها الشك، وذلك يكون في الخبر، نحوِ قولك: "ضربت زيدًا أو عمرًا"، و"جاءني زيدٌ أو عمرو"، تريد أنك ضربت أحدهما، وأن الذي جاءك أحدهما. والأكثرُ في استعمالٍ "أوْ" في الخبر أن يكون المتكلم شاكا لا يدري أيّهما الجائي، ولا أيّهما المضروب، والظاهرُ من السامع أن يحمل الكلامَ على شك المتكلم، وقد يجوز أن يكون المتكلم، غيرَ شاك، وإنما أراد تشكيك السامع بأمرِ قصده، فأبْهَمَ عليه وهو عالمُ، كقولك: "كلمتُ أحدَ الرجلَيْن"، و"اخترتُ أحدَ الأمرَين" تقول، وأنت عارفٌ به، ولا تُخبِر. ومنه قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (?) وقوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (?). ومنه قول لَبيدٍ [من الطويل]:
135 - تَمنى ابْنَتايَ أنْ يَعِيش أبوهما ... وما أنا إلامن رَبِيعَةَ أومُضَرْ