قالوا: معناه قلبتم ظهر المجنّ لنا. وأمّا أصحابنا، فلا يرون زيادة هذه الواو، ويتأوّلون جميعَ ما ذُكر وما كان مثله بأن أجْوِبَبها محذوفةٌ لمكان العلم بها، والمراد: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} (?)، أدرك ثوابَنا ونال المنزلةَ الرفيعةَ لدينا. وكذلك قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (?)، تقديره: صادفوا الثواب الذي وُعدوه، ونحوُه. وكذلك قول الشاعر: حتى إذا امتلأت بطونكم وكان كذا وكذا، تَحقق منكم الغدرُ، واستحققتم اللَّوْم، ونحوُ ذلك مما يصلح أن يكون جوابًا، فاعرفه إن شاء الله.
قال صاحب الكتاب: و"الفاء" و"ثم" و"حتى" تقتضي الترتيب، إلا أن الفاء توجب وجود الثاني بعد الأول بغير مهلة، و"ثم" توجبه بمهلة, ولذلك قال سيبويه (?): "مررت برجل ثم امرأة"، فالمرور ههنا مروران، ونحو قوله تعالى: {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا} (?). وقوله: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} (?) محمول على أنه لما أهلكها حكم بأن البأس جاءها، وعلى دوام الاهتداء وثباته.
* * *