فإنّه استعمل "أوْ" ههنا بمعنى الواو، وهو من الشاذّ الذي لا يُقاس عليه. والذي أنّسه بذلك أنّه رآها في الإباحة، نحوِ: "جالِسِ الحسنَ أو ابنَ سِيرِينَ"، تُبيح مجالستَهما، فتَدرّج إلى استعمالها في مواضع الواو البتّة.

وتقول: "جمعت زيدًا وعمرًا"، و"المالُ بين زيد وعمرو"، ولا يجوز بالفاء. وإذا ثبت أنها تستعمل في مواضع لا يكون فيها إلَّا الجمع المطلق؛ امتنع استعمالها مُرتِّبةً؛ لأن ذلك يُودِي بالاشتراك، وهو على خلاف الأصل.

وممّا يدلّ أيضًا على أنها للجمع المطلق من غير ترتيب قولُك: "جاءني زيدٌ وعمرٌو بعده"، فلو كانت للترتيب، لكان قولك: "بعده" تكريرًا، ولكان إذا قلت: "جاءني زيدٌ اليومَ وعمرٌو أمسِ" متناقِضًا؛ لأن الواو قد دلّت على خلافِ ما دلّت عليه "أمس" من قِبَلِ أن الواو ترتيب الثاني بعد الأول، و"أمس" تدل على تقدّمه. ومن ذلك قوله تعالى في البقرة: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} (?)، وفي الأعراف: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (?)، والقصّةُ واحدة. ومن ذلك قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (?)، وشرعُها يُقدِّم الركوعَ على السجود. ومن ذلك قول أبي النَّجْم [من الرجز]:

1130 - تُعِلُّهُ من جانبٍ وتُنْهِلُهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015