قال الشارح: كأنّه أخذ في الجواب عن شُبَهٍ تَعلّق بها الخَصمُ. فأمّا قولهم: "إنّهم أجمعون ذاهبون"، فشاهدٌ للزجّاج في جوازٍ حملِ النعت على موضع "إنَّ"؛ لأن التأكيد والنعت مجراهما واحدٌ. وقولهم: "إنَّك وزيدٌ ذاهبان"، فشاهدٌ لمذَهب الكوفيين في جواز حمل العطف على موضع "إنَّ" قبل الخبر، وكذلك الآية. فحمل سيبويه قولهم: "إنّهم أجمعون ذاهبون" على أنه غلطٌ من العرب، فقال: واعلمْ أنْ ناسًا من العرب يغلطون، فقولون: "إنّهم أجمعون ذاهبون"، و"إنّك وزيدٌ ذاهبان". ووجةُ الغلط أنهم رأوا أنّ معنَى "إنّهم ذاهبون" هُمْ ذاهبون، فاعتُقد سقوط "إنَّ" من اللفظ، ثمّ عطف عليه بالرفع كما غلط الآخر في قوله [من الطويل]:

ولا ناعب إلَّا ببَيْنٍ غُرابُها (?)

فقدّر ثبوت الباء في الأول، إذ كانت الباء تدخل في خبر "لَيْس". كثيرًا. ومثلُ الأوّل قوله تعالى: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (?)، كأنّه اعتقد سقوطَ الفاء، فعطف عليه بالجزم؛ لأنه لولا الفاء، لكان مجزومًا، وقال بعضهم: إنّ وجه الغلط أنّ لفظَ "هُمْ" المتّصلِ مع "إنَّهُمْ" المنصوبِ الموضع قد يكون منفصلًا مرفوعَ الموضع، فجعل "إنَّهُمْ" في تقدير "هُمْ أجمعون".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015