فصل [العطف علي محل "إن" واسمها]

قال صاحب الكتاب: ولأن محل المكسورة وما عملت فيه الرفع, جاز في قولك: "إن زيداً ظريف وعمراً"، و"إن بشراً راكب لا سعيد أو بل سعيداً"، أن ترفع المعطوف حملاً على المحل. قال جرير [من الكامل]:

1109 - إن الخلافة والنبوة فيهم ... والمكرمات وسادة أطهار

* * *

قال الشارح: تقول: "إنَّ زيدًا ظريفٌ وعمرًا"، فتعطف بالواو على لفظ "زيد"، فجمعتَ بين الثاني والأول في عمل العامل، والمراد: "وإن عمرًا ظريفٌ"، فحذفت خبر الثاني لدلالة خبر الأوّل عليه. وحكمُ المعطوف أن يجوز حذفُ خبره إذا وافق خبرَ الأوّل، فإن خالفه، لم يجز الحذف؛ لأنه لا يدلّ عليه كما يدلّ على مُوافِقه، إذ الموافق له واحدٌ. والمخالفُ أشياءُ كثيرة، فلا تصحّ دلالته على واحد بعينه كما تصحّ دلالته على ما وافقه، لا فرقَ بين أن يكون حرف العطف موجِبًا للثاني معنى الأوّل كالواو والفاء وثُمَّ، وغير موجب كـ "لا" و"بَلْ" ونحوهما. فإذا قلت: "قام زيدٌ لا عمرٌو"، فقد نفيتَ عنه القيامَ الذي أثبتّه للأوّل، ولو أردت أن تنفي عن الثاني القيامَ، لم يجز إلَّا أن تذكره.

وكذلك العطف بـ "بَلْ" إذا قلت: "إنَّ بشرًا راكبٌ بل سعيدًا"، فقد أثبتّ الركوب لسعيد، ويكون المراد الإخبار بذلك عن الثاني، وجَرْيُ الأوّل كالغلط. ويجوز الرفع بالعطف على موضع "إنَّ"؛ لأنها في موضع ابتداء. وتحقيقُ ذلك أنّها لمّا دخلت على المبتدأ والخبر لتحَقيق مؤدّاه وتأكيدِه من غير أن تُغيِّر معنى الابتداء؛ صار المبتدأُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015