قال الشارح: وأمّا "عَنْ" فمشترَكةٌ بين الحرف والاسم؛ فأمّا الحرف فنحو قولك: "انصرفت عن زيد"، و"أخذت عن خالد"، فـ "عَنْ" حرفٌ؛ لأنها أوصلت معنى الفعل قبلها إلى الاسم الذي بعدها. قال أبو العبّاس: إذا قلت: "على زيد نزلت"، و"عن عمرو أخذت"، فهما حرفان يُعْرَف ذلك من حيث أنهما أوصلا الفعل إلى زيد، كما تقول: "بزيدٍ مررت"، و"في الداو نزلت"، و"إليك جئتُ". ومعناها المجاوَزة، وما عدا الشيءَ.

وأمّا كونها اسمًا، فيكون بمعنى ألجهة والناحية، فتقوله: "جلست مِن عن يمينه"، أي: من ناحية يمينه، وتَبيّن ذلك بدخول حرف الجرّ عليه؛ لأن حرف الجرّ لا يدخل على حرفٍ مثلِه. قال الشاعر [من الكامل]:

1091 - فَلَقَدْ أراني للرِّماح دَرِيئَةً ... مِنْ عَن يميني تارةً وأمامِي

وقال الآخر [من الطويل]:

1092 - وقلتُ اجْعَلِي ضَوْءَ الفَراقِد كلِّها ... يَمِينًا ومَهْوَى النَّجْمِ من عن شِمالِكِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015