قال الشارح: هذا من الضرب الثاني، وهو ما يكون حرفًا واسمًا، وهي خمسةٌ على ما ذكرنا: "عَلى"، و"عَنْ"، والكاف، و"مُذْ"، و"مُنْذْ". فأمّا "عَلى" فكان أبو العبّاس يقول. إنها مشترَكةٌ بين الاسم والفعل والحرف، لا أنَّ الاسم هو الفعل والحرف، ولكن يتّفق الاسم والفعل والحرف في اللفظ، فإذا كانت حرفًا؛ دلّت على معنى الاستعلاء فيما دخلت عليه، كقولك: "زيدٌ على الفرس"، فـ "زيد" هو المستعلِي على الفرس، و"عَلى" أفادت هذا المعنى فيه. ومن ذلك "على زيدٍ دَيْنٌ"، كأنه شيءٌ قد علاه فالمُسْتعلى عليه "زيدٌ". وكذلك: "فلانٌ علينا أميرٌ" لاستعلائه من جهة الأمر. ومنه قوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} (?)، وقوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (?)، المراد الركوب عليه، والاستواء فوقه.
فأمّا قولهم: "مررت عليه" فاتّساغٌ، وليس فيه استعلاءٌ حقيقةً، إنما جرى كالمثل. ويجوز أن يكون المراد مروره على مكانه، فيكون فيه استعلاءٌ. فأمّا قولهم: "أُمررتُ يَدِي عليه"، ففيه استعلاءٌ، لأن المراد فوقه. وأمّا إذا كانت اسمًا، فتكون ظرفَ مكان بمعنى الجهة، ويدخل عليها حرف الجرّ كما يدخل على غيرها من