أراد: "من الآن" فحذف، والقياسُ التحريك لالتقاء الساكنين، وقد حذفوها لا لالتقاء الساكنين، بل لضربٍ من التخفيف. قال [من الرجز]:

مِن لَدُ شَوْلا وإلى إتلائِها (?)

فحذف نونَ "لَدُنْ" تخفيفًا. واستدلّوا على أن أصلها "مِنْ" بقول العرب: "مِن ربِّي لأفعلنّ" ولا يُدْخِلون "مِنْ" في القسم إلَّا على "رَبِّي"، فلا يقولون: "مِن الله" كأنهم اختصّوا بعضَ الأسماء ببعض الحروف، وذلك لكثرة القسم، تَصرّفوا فيه هذا التصرّفَ. ومن العرب مَن يقول: "مُن ربي" بضمّ الميم، ولا يستعملون "مُنْ" بضمّ الميم إلَّا في القسم، وذلك أنهم جعلوا ضمَّها دلالةً على القسم، كما جعلوا الواو مكانَ الباء دلالةً على القسم. ومنهم من يجعل "مِنْ" من قولك: "من ربّي لأفعلنّ" مخفّفة من "أيْمُنٍ". و"ايمنٌ" عن سيبويه (?) اسمٌ مفردٌ، وُضع للقسم مشتقّ من "اليَمِين"، وهو البَرَكَة، وألفُ "ايْمُنٍ" وصلٌ، ولم تجىء في الأسماء ألفُ وصل مفتوحة إلَّا هذا الحرفُ. قال الشاعر [من الطويل]:

1087 - فقال فَرِيقُ القَوْمَ لمّا نشدتُهم ... نَعَمْ وفَرِيق لَيْمُنُ اللهِ ما نَدْرِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015