وإنّما خصّوا الباءَ بذلك دون غيرها من حروف الجرّ لأمرَيْن، أحدهما: أنها الأصل في التعدية. والثاني: أن الباء معناها الإلصاق. والمراد إيصال معنى الحلف إلى المحلوف، فلذلك كانت أوْلى، إذ كانت مفيدةً هذا المعنى. والذي يؤيّد عندك أن الباء الأصل في حروف القسم أنها تدخل على المضمر، كما تدخل على المظهر، فتقول: "بالله لأقُومنّ"، و"به لأفعلنّ". والواوُ لا تدخل إلَّا على المظهر ألبتّة، تقول: "واللهِ لأقومنّ". ولو أضمرتَ؛ لقلت: "به لأفعلنّ"، ولا تقول: "وَهُ"، ولا "وَكَ"، فرجوعُك مع الإضمار إلى الباء يدلّ أنها هي الأصل؛ لأن الإضمار يردّ الأشياء إلى أُصولها. قال الشاعر [من الوافر]:
1083 - رَأى بَرْقًا فأوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ ... فلا بِكَ ما أسألَ ولا أغاما