قالوا: "بَرَأ"، "يَبْرُؤُ"، و"هَنَأ"، "يَهْنُؤُ"، و"زَأرَ"، "يَزْئِزُ"، و"نَأمَ"، "يَنْئِمُ"، و"نَهَقَ"، "يَنْهِقُ". والأصلُ في الهمزة والهاء أقلّ؛ لاْنهما أدخلُ في الحلق. وكلَّما سفِل الحرفُ، كان الفتح له ألزمَ، وقالوا: "نَزَعَ" "يَنْزعُ"، و"رَجَعَ" "يَرْجِعُ"، و"نَطَحَ" "يَنْطِحُ"، و"جَنَحَ" "يَجْنِحُ". والأصل في العين أقل منه في الحاء؛ لأنها أقرب إلى الهمزة من الحاء، والأصل في العين والحاء والغين والخاء أحسن من الفتح؛ لأنها أشدّ ارتفاعًا إلى الفم، وذلك نحو: "نَزَعَ" "يَنْزعُ"، و"صَبَغَ" "يَصْبُغُ"، و"نَفَخَ" "يَنْفُخُ"، و"طَبَخَ" "يَطْبُخُ". فإن كانت هذه الحروف فاءاتٍ، نحوَ: "أمَرَ" "يَأمُرُ"، لم يلزم الفتح فيه لسكون حرف الحلق في المضارع. والساكنُ لا يوجب فتحَ ما بعده لضُعْفه بالسكون، وقالوا: "اْبَى" "يَأْبْى"، و"قَلَى" "يَقْلَى" و"غَسَا الليلُ" "يَغْسَى"، و"سَلَا" "يَسْلَا". وقالوا: "رَكَنَ" "يَرْكَنُ"، و"هَلَكَ" "يَهْلَكُ". وقرأ الحسن {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} (?). فكان محمّد بن السَّريّ يذهب في ذلك كلّه إلى أنها لغاتٌ تداخلت، وهو فيما آخِرُه ألفٌ أسهلُ، لأن الألف تُقارِب الهمزةَ، ولذلك شبّه سيبويه (?) "أبَى" "يَاْبَى"، بـ "قَرَأ" "يَقْرَأُ"، فاعرفه.
* * *
قال صاحب الكتاب: وأما "فَعِل", "يفعُل" نحو: "فضِل" "يفضُل" ومت تموت فمن تداخل اللغتين وكذلك "فعُل" "يفعَل" نحو "كُدْتَ" "تكاد". وللمزيد فيه خمسة وعشرون بناء تمر في أثناء التقاسيم بعون الله تعالى, والزيادة لا تخلو إما أن تكون من جنس حروف الكلمة أو من غير جنسها كما ذكر في أبنية الأسماء.
* * *
قال الشارح: لم يأتِ عنهم "فَعِلَ"، "يَفْعُلُ" بكسر العين في الماضي، وضمّها في المستقبل إلَّا أحرفٌ يسيرة، لا اعتدادَ بها لقلّتها وندرتها، قال أبو عثمان: أنشدني الأصمعي [من الطويل]:
1058 - ذكرتُ ابنَ عَبْاسٍ ببابِ ابن عامرٍ ... وما مَرَّ من يَوْمِي ذكرتُ وما فَضِلْ