فإنه أراد "ضَجِرَ" بالكسر، و"دَبِرَت"، وإنّما أسكن تخفيفًا، كما قالوا في "عَلِمَ": "عَلْمَ"، وفي "شَهِدَ": "شَهْدَ". وقالوا في الاسم: "كَتْفٌ" في "كَتِفٍ"، وَ"فَخْذٌ" في "فَخِذٍ". فأفا قول الآخر [من الطويل]:
1056 - وما كان مُبْتاعٌ ولو سَلْفَ صَفْقُهُ ... يُراجِعُ ما قد فاتَهُ بِرَدادِ
فإنه أراد "سَلَفَ" بالفتح، وإنما أسكن ضرورة، فإسكانُ المفتوح ضرورةٌ، وإسكانُ المضموم والمكسور لغةٌ.
فما كان من الأفعال "فَعَلَ" بفتح العين، فإنه يجيء على ضربين: متعدّ وغيرُ متعدّ. فالمتعدّي "ضَرَبَهُ"، و"قتله"، وغيرُ المتعدّي "قَعَدَ"، و"جَلَسَ". والمضارع منه يجيء على "يَفْعِلُ"، و"يَفْعُلُ"، بالكسر والضمّ. ويكثُران فيه حتى قال بعضهم: إنه ليس لأحدهما أوْلى من الآخر. وقد يكثر أحدُهما في عادة ألفاظ الناس، حتى يُطْرَح الآخر ويقبح استعمالُه. وقال بعضهم: إذا عُرف أن الماضي "فَعَلَ" بفتح العين، ولم يُغرَف المستقبل، فالوجهُ أن يكون "يَفْعِلُ" بالكسر؛ لأنه أكثر، والكسرُ أخفُّ من الضمّ. وقيل: هما سواءٌ فيما لا يُعْرَف. وقيل: إِن الأصل في مضارع المتعدّي الكسر، نحوُ: "يَضرِبُ"، وإن الأصل في مضارعِ غير المتعدّي الضمّ، نحوُ: "سَكَتَ"، "يَسْكُتُ"، و"قَعَدَ"، "يَقعُدُ". يُقال: هذا مقتضى القياس، إلَّا أنهما قد يتداخلان، فيجيء هذا في هذا. وربّما تَعاقبا على الفعل الواحد، نحوِ: "عَرَشَ"،