كيف أنّث الفعل، وهو للصَّدْر، إذ كان صدر القناة ملتبسًا بالقناة؟ ولا يجوز نصبُ "زيد" هنا، لأنه إذا نُصب، كان خبرًا، لـ "كانَ"، ويكون اسمُها مضمرًا فيها، وذلك المضمر هو"زيدٌ" في المعنى، لأنه مفردٌ. والخبر إذا كان مفردًا كان هو الأول في المعنى، وذلك الضميرُ راجع إلى "ما"، و"ما" لا يعقل، و"زيدٌ" يعقل، فكان يتنافى المعنيان، فاعرفه.

ولا يزاد في باب التعجّب إلَّا "كانَ" وحدَها دون غيرها من أخواتها، وذلك لأنها أُمُّ الأفعال لا ينفك فعلٌ من معناها.

وقد قالوا: "ما أصبح أبرَدَها! " و"ما أمْسَى أدْفَأها! " حكى ذلك الأخفش، ولم يحكه سيبويه. وأنّث الضمير، لأنه أراد الغداة والعشية. وفي ذلك بُعْدٌ؛ لأنهم جعلوا "أصبح"، و"أمس" بمنزلةِ "كانَ"، وليسا مثلها؛ لأنهما لا يكونان زائدين بخلافِ "كان". ومن الفرقان بينهما أن "كانَ" لا تدلّ على شيءٍ في الحال، وإنما تدلّ على ماضٍ، نحوِ قولك: "كان زيدٌ قائمًا". وليس كذلك "أصبح"، و"أمسى"، فإنّهما يدلاّن على وجود الأمر في الحال، نحوَ قولك: "أصبح زيد غنيًا" أي: هو في الحال كذلك.

وْاعلم أن "كانَ" في حال زيادتها لا اسم لها، ولا خبر، ولا فاعل، لأنها ملغاة عن العمل، هذا مذهب المحقّقين كابن السرّاج وأبي عليّ. وكان السيرافيّ يذهب إلى أنه لا بدّ لها من فاعلٍ بحكم الفعلية، وذلك الفاعلُ معنويٌّ يُقدَّر بالمصدر، ولفظُ "كانَ" يدلّ عليه على حدّ قولهم: "مَن كذب كان شرًّا له"، أي: كان الكذبُ، فاعرفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015