وإنما أُخّر المبتدأ، وحقّه أن يكون مقدّمًا لأمرَيْن: أحدُهما: أنّه لمّا تضمّن المدحَ العامّ أو الذّمّ، جرى مجرى حروف الاستفهام في دخولها لمعنى زائد. فكما أن حروف الاستفهام متقدّمة، فكذلك ما أشبهها. الأمر الثاني: أنه كلامٌ يجري مجرى المثل، والأمثالُ لا تُغيَّر، وتحمل على ألفاظها، وإن قاربتِ اللَّحْنَ. والوجه الثاني من وجهَي رفع المخصوص أن يكون "عبد الله" في قولك: "نعم الرجلُ عبدُ الله" خبرَ مبتدأ محذوف، كأنّه لمّا قيل: "نعم الرجل"، فُهِمَ منه ثناءٌ على واحد من هذا الجنس، فقيل: "مَن هذا الذي أُثْنِيَ عليه؟ " فقال: عبدُ الله، أي: هو عبد الله. وهذا من المبتدآت التي تُقدَّر ولا تُظهر. فعلى الوجه الأوّل يكون "نعم الرجلُ" له موضعٌ من الإعراب، وهو الرفع بأنّه خبرٌ عن "عبد الله"، ويكون الكلام جملة واحدة من مبتدأ وخبر. وعلى الوجه الآخر يكون جملتَين: جملة أُولَى فعليّة لا موضع لها من الإعراب، وجملة ثانية اسميّة كالمفسْرة للجملة الأولى. وليست إحداهما متعلّقة بالأُخرى تعلُّقَ الخبر كما كانت الأولى كذلك، فالأُولى على كلام واحد، والثانيةُ على كلامَيْن.

فصل [حذف المخصوص]

قال صاحب الكتاب: وقد يحذف المخصوص إذا كان معلوماً, كقوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015