فإنّه أنشده شاهدًا على ما ادّعى من جواز ذلك، فإنّه رفع "الزاد" المعرّف بالألف واللام بأنّه فاعلُ "نعم"، و"زاد أبيك" هو المخصوص بالمدح، و"زادًا" تمييزٌ وتفسيرٌ. والقولُ عليه: إنّا لا نُسلِّم أنّ "زادًا" منصوب بـ"نعم"، وإنما هو مفعول به لـ"تَزَوَّدْ"، والتقدير: تزوّدْ زادًا مثلَ زاد أبيك فينا. فلمّا قدَّم صفتَه عليه، نصبها على الحال. ويجوز أن يكون مصدرًا مؤكّدًّا محذوفَ الزوائد، والمراد: تزوّد تَزَوُّدًا، وهو قول الفرّاء. ويجوز أن يكون "الزاد" تمييزا لقوله: "مثل زاد أبيك فينا"، كما يُقال: "لي مثلُه رجلاً". وعلى تقديرِ أن يكون العامل فيه "نعم"، فإنّ ذلك من ضرورة الشعر، هكذا قال أبو بكر بن السرّاج، وما ثبت للضرورة يتقدّر بقدر الضرورة، ولا يجعل قياسًا. ومثله قول الأسود بن شَعُوب [من الوافر]:
1044 - ذَراني أصْطَبِحْ يا بَكْرُ إنّي ... رأيتُ الموتَ نَقَّبَ عن هِشامِ
تَخَيَّرَهُ ولم يَعْدِلْ سِواهُ ... ونِعْمَ المَرْءُ مِن رَجُلٍ تَهامِ