إن "كان" فيه بمعنى "صار".

* * *

قال الشارح: أما قوله تعالى: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} (?)، فيجوز أن تكون الناقصة الناصبة للخبر، ويكون "قلبٌ" هو الاسمَ، والجارّ والمجرور هو الخبرَ، وقد تقدّم. والنكرةُ يجوز الإخبار عنها إذا كان الخبر جارًا ومجرورًا وتقدّم على النكرة، نحوَ قولك: "كان فيها رجلٌ"، و"كان تحت رأسي سرجٌ".

ويجوز أن تكون التامّة التي تكتفي بالاسم، ولا تحتاج إلى خبر، ويكون "قلبٌ" اسمها، والجارّ والمجرور في موضع الحال، كأنه كان صفة النكرة، وقد تقدّم عليها.

الوجه الثالث: أن تكون زائدة، دخولُها كخروجها، والمراد: لِمَن له قلبٌ، ويكون "له قلب" جملة في موضع الصلة، أي: لمن له قلبٌ.

الوجه الرابع: أن تكون بمعنى "صارَ"، أي: لمن صار له قلبٌ، وأما قوله [من الطويل]:

بتيهاء قفر ...

البيتَ، فإنه لابن كَنْزَةَ، والشاهد فيه استعمالُ "كان" بمعنى "صار". والعربُ تستعير هذه الأفعال، فتوقع بعضَها مكانَ بعض، فأوقعوا "كانَ" هنا موقعَ "صار"؛ لِما بينهما من التقارُب في المعنى؛ لأنّ "كانَ" لِما انقطع وانتقل من حال إلى حال، ألا تراك تقول: "قد كنتُ غائبًا، وأنا الآنَ حاضرٌ"؟ فـ "صارَ" كذلك تفيد الانتقال من حال إلى حال، نحوَ قولك: "صار زيدٌ غنيًّا"، أي: انتقل من حال إلى هذه الحال، كما استعملوا "جاءَ" في معنَى "صار" في قولهم: "ما جاءت حاجتَك"؛ لأنّ "جاءَ" تفيد الحركَة والانتقالَ، كما كانت "صارَ" كذلك.

يصف سَيْرَه في فلاة مُوحِشة أعْيَت المطيُّ فيها وهزلت. شبّه مطيّتَه لسرعة مَشْيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015