قال الشارح: اعلم أنه قد توجّه بعض هذه الأفعال إلى معانٍ أُخر، فلا تفتقر إلى مفعولَين، وتكتفى بمفعول واحد، فمن ذلك "ظننت" وهي تُستعمل على ثلاثة أضرب: ضربٌ على بابها، وهو بإزاء ترجح أحد الدليلَين المتعارضَيْنْ على الآخر، وذلك هو الظن، وهي، إذا كانت كذلك، تدخل على المبتدأ والخبر، ومعناها متعلق بالجملهْ على ما تقدم. وقد يقوى الراجحُ في نظر المتكلّم، فيذهب بها مذهبَ اليقين، فتجري مجرى "علمت"، فتقتضي مفعولين أيضًا. من ذلك قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} (?)، فالظن ها هنا يقينٌ، لأن ذلك الحين ليس حين شك. ومنه قول الشاعر [من الطويل]:
1004 - فقلت لهم طنوا بألْفَي مُدجّجٍ ... سراتُهُم في الفارسي المسرّدِ
والمراد: اعلموا ذلك وتَيقنوه؛ لأنه أخرجه مخرج الوعيد، ولا يحصل ذلك إلّا مع اليقين. وقد يقوى الشك بالنظر إلى المرجوح، فتصير في معنى الوهم، فتقول. "ظننتُ زيدًا" في معنَى اتهمُته، أي. أتخذته مكانًا لوَهْمي، فهي لذلك تكتفي بمفعول واحد.
ومه قوله تعالى: {وما هو على الغيب بظنين} (?)، أي: بمتهم، و"ظنينٌ" هنا بمعنَى مظنون، وفيه ضميرٌ مرفوعٌ كان مفعولًا، فأقيم مقام الفاعل.