الأسْوَدَ (?)، وقد تقدّم الكلام عليها في الأعلام. فإذا سمّيت بـ "ضُرِبَ"، أو"ضُورِبَ"، لم ينصرف ذلك الاسم في المعرفة، للتعريف ووزن الفعل. فلو خُفّف هذا الاسم، أعني "ضُرِبَ" ونحوهُ، بأن أسكنتَ عينَه، فقلت: "ضُرْبَ"، على حد قولهم في "كَتِفٍ": "كَتْفٌ"، بسكون التاء؛ فسيبويه، رحمه الله، يصرفه لزَوالِ لفظِ بناء الفعل (?).

ولأبي العبّاس فيه تفصيلٌ ما أحسنَه! وهو: إن كان التخفيف قبل النقل والتسميةِ انصرف للزُوم الإسكان له، ومَصِيرِه إلى زنة الاسم، نحوِ: "قُفْلٍ"، و"بُرْدٍ"؛ وإن كان الإسكان بعد النقل والتسميةِ لم ينصرف، إذ الإسكان عارضٌ، بدليلِ جوازِ استعمال الأصل. فالحركةُ وإن كانت محذوفة من اللفظ، فهي في حكمِ المنطوق بها.

ولو سمّيت بمثلِ "ردَّ"، و"شُدَّ"، و"قِيلَ"، و"بِيع"، لانْصرف. لأنّ هذا إعلالٌ لازمٌ لرَفْضِ أصله، وهو عدمُ استعماله، فصار كأنّه لا أصلَ له غيرَ البناء الذي هو عليه. والتحق "رُدَّ" و"شُدَّ" بـ "حُبّ"، و"دُرّ"؛ و"قِيلَ"، و"بيع" بـ "فِيلٍ"، و"دِيكٍ".

ومن ذلك "فَعَّلَ" مثلُ "ضَرَّبَ"، و"كَسَّرَ" بتضعيف العين؛ إذا سمّيت بشيء من ذلك لم ينصرف في المعرفة، للتعريف ووزِن الفعل. وينصرف في النكرة، لزوالِ أحد السببَيْن، وهو التعريف؛ لأن هذا أيضًا بناءٌ خاصٌّ للفعل، لا حَظَّ فيه للأسماء. وإنمّا وردت ألفاظٌ في الأعلام. قالوا: "خَضَّمُ"، وهو اسمُ رجل، وهو خضّم بن عمرو بن كِلاب بن تميم. قال الثماعر [من الرجز]:

لولا الإلهُ ما سَكَنَّا خَضَّمَا ... ولاظَلِلْنَا بالمَشائي قُيَّمَا (?)

يريد بلاد "خضّم"، أي بلاد "بني تميم"؛ قالوا: "عَثرُ"، و"بَذرُ"؛ فـ "عَثَّرُ": اسم مكان، و"بذَّرُ" ماءٌ معروف. قال الشاعر، وهو زُهَيْر [من البسيط]:

100 - لَيْثٌ بِعَثرَ يصطادُ الرجالَ إذا ... ما كَذبَ اللَّيْثُ عن أقْرانِه صَدَقَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015