تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (?)، قُرىء: "فيغفِر" جزمًا ورفعًا (?) على ما تقدّم، ولا فرقَ في ذلك بين الفاء، والواو، و"ثم"، من حروف العطف، حكم الجميع واحد في ذلك.
وأمّا قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} (?) فقد قُرىء "ويذرهم" جزمًا ورفعًا (?)، فالجزم بالعطف على الجزاء وهو "فلا هادي له" لأنّ موضعه جزمٌ. والمراد بالموضع أنه لو كان الجواب فعلاً، لكان مجزومًا. والرفع على القطع والاستئناف على معنَى "وهو يذرُهم في طُغْيانهم"، فعَطف هنا بالواو كما عطف في الآية قبلها بالفاء.
وأما قوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (?) , وقوله {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} (?) ففيهما شاهد على العطف بـ"ثُمَّ" كما عطف بالفاء إلا أنه جزم في الأُولى، ورفع في الثانية، وكل جائز صحيح، وحكمُ الجميع واحد، إلّا الفاءَ، فإنه قد أجاز بعضهم فيه النصبَ، وقرأ الزعْفراني: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (?). وقد استضعفه سيبويه (?)، لأنه موجب، فصار من قبيلِ [من الوافر]:
993 - [سَأَترُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَميم] ... وألْحَقُ بالحِجاز فأسْترِيحَا