فإن قيل: "إذ" ظرف زمان ماضٍ، والشرطُ لا يكون إلًّا بالمستقبل، فكيف تصح المجازاة بها؟ فالجواب من وجهين:

أحدهما: أنّ "إذ" هذه التي تستعمل في الجزاء مع "ما" ليست الظرفيّة، وإنما هي حرف غيرها ضُمّت إليها "ما" فرُكبا للدلالة على هذا المعنى كـ"أإنمَّا".

والثاني: أنها الظرف، إلًّا أنها بالعقد والتركيب غُيّرت ونُقلت عن معناها بلزومِ "ما" إيّاها إلى المستقبل، وخرجت بذلك إلى حيّز الحروف، ولذلك قال سيبويه (?). ولا يكون الجزاء في "حيث" ولا في "إذ" حتى يضمّ إلى كل واحد منهما "ما"، فتصير "إذ" مع "ما" بمنزلة "إنّما"، و"كأنما" وليست "ما" فيهما بلَغو، ولكنّ كلّ واحد منهما مع "ما" بمنزلة حرف واحد.

فأمّا"إذاما" فإن سيبويه لم يذكرها في الحروف، والقياسُ أن تكون حرفاً كـ"إذما"، ولذلك لا يعود إليها ضميرٌ ممّا بعدها كما يعود إلى غيرها ممّا يجازى به من نحو "مَنْ"، و"ما"، و"مَهما"، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

فصل [الجزم بـ"إن" مضمرةً]

قال صاحب الكتاب: ويُجزم بـ "إن" مضمرة إذا وقع جواباً لأمر, أو نهي, أو استفهام أو تمن أو عرض، نحو قولك: "أكرمني أكرمك"، و"لا تفعل يكن خيراً لك"، وألا تأتني أحدثك، وأين بيتك أزرك؟ وألا ماء أشربه، وليته عندنا يحدثنا، وألا تنزل تصب خيراً, وجواز إضمارها لدلالة هذه الأشياء عليها, قال الخليل (?): إن هذه الأوائل كلها فيها معنى "إن" فلذلك انجزم الجواب.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015