وَلَكَ استعمالُها في الجزاء مضمومًا إليها "مَا" وغيرَ مضموم إليها، إن شئت، قلت: "متى تذهبْ أذهبْ"، و"متى ما تذهبْ أذهبْ".
وأمّا "حَيثُ" و"إذْ"، و"إذَا" فظروفٌ أيضًا، فـ"حيث" ظرف من ظروف الأمكنة مبهم، يقع على الجهات الستّ، و"إذ"، و"إذا" ظرفا زمان، فـ "إذْ" لِما مضى، و"إذا" لِما يُستقبل، وكل الظروف التي يجازى بها يجوز أن يجازى بها من غير أن يضمّ إليها "ما" ما خلا "حَيثُمًا" وأُختيها، وذلك لأنها مبهمة تفتقر إلى جملة بعدها تُوضِحها وتُبيّنها، فتَنزّلت الجملة منها منزلة الصلة من الموصول، فكانت في موضع جرّ بإضافتها إليها متنزلةً منها منزلةَ الجزء من الكلمة، فلمّا أرادوا المجازاة بها، لزِمهم إبهامُها، وإسقاطُ ما يوضحها، فألزموها "ما" كما ألزموا، "إنَّما"، و"كأنما"، و"رَبَّمَا" وجعلوا لزومَ "ما" دلالةً على إبطال مذهبها الأولِ، فجعلوا "حيثما" بمنزلة "أينَ" في الجزاء، ولم تزل عن معناها الأول، فتقول: "حيثما تكن أكن"، كما تقول: "أين تكن أكن"، و"حيثما تقم يُحْبِبك أهلُها". قال الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (?)، فـ "كنتم" في موضع مجزوم، ولذلك أجابه بالفاء، وجعلوا "إذما"، و"إذاما" بمنلةِ "متى"، فقالوا: "إذما تأتِني آتِك"، و"إذا ما تُحسِنْ إليّ أشكرْك"، قال العبّاس بن مِرْداس [من الكامل]:
إذ ما أتَيتَ على الرَّسُول فَقُل له ... حَقًّا عليك إذا اطْمأنَّ المَجْلِسُ (?)
وقال عبد الله السَّلُوليّ [من الطويل]:
988 - إذما تَرَيْني اليومَ أُزجِي مَطِيَّتِي ... أُصعدُ سَيْرًا في البلاد فأفرعُ
[فإني من قومٍ سِواكُم وإنما ... رجاليَ فَهمٌ بالحِجازِ وأَشْجَعُ]