فقال: أنت في "فأبهت" بالخيار. إن شئت حملتها على "أنْ"، وإن شئت، لم تحملها عليها، فرفعت. البيت لعُرْوَةَ العُذْريّ، وقيل: هو لبعض الحارثيّين. والشاهد فيه جواز الرفع والنصب، فالنصب بالعطف على أن المراد المصدر، والتقدير: فما هو إلَّا الرؤية فأُبْهَتَ، على نحو قوله [من الطويل]:
فإن المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرَكُوبُ (?)
والرفع على القطع والاستئناف، والمعنى: فإذًا أنا مبهوت، وأمّا قول الآخر [من الطويل]:
على الحَكَم المَأْتِيّ يومًا إذا قَضَى ... قَضِيَّتَه أن لايَجُورَ ويَقْصِدُ
البيت لعبد الرحمن بن أُمّ الحَكَم، وقيل: هو لأبي اللَّحّام التَّغْلِبيّ، وقبله:
عَمِرْتُ وأكْثَرْتُ التَّفَكُرَ خالِيًا ... وساءَلْتُ حتّى كاد عُمْرِيَ يَنْفَدُ
فأضْحَتْ أمُورُ الناس يَغْشَيْن عالِمًا ... بما يُتقى منها وما يُتعمَّدُ
جدِيرٌ بأنّ لا أسْتَكِينَ وَلَا أُرَى ... إذا حَل أمرٌ ساحَتي أتَبَلَّدُ
والشاهد فيه رفعُ "يقصد" وقطعه عمّا قبله، فههنا لا يصح النصب بالعطف على الأول؛ لأنه يُفْسِد المعنى, لأنه يصير عليه غيرَ الجَوْر وغير القصد، وذلك فاسد. والوجه الرفع على الابتداء، والمراد: عليه غير الجور، وهو يقصد، والقصد: العَدْل، فهو خبرٌ، ومعناه الأمرُ على حد قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (?)، أي: ينبغي لهنّ ذلك فَلْيَفْعَلْنَ ذلك. ومثله "أريدُ أن تأتيني، فتشتمُني" لا يجوز النصب ها هنا؛ لأنك لم ترد الشتيمةَ، ولكن المراد: كلّما أردتُ إتيانَك تشتمُني، فهو منقطع من "أنْ"، ونحوه قول الراجز:
983 - [الشعرُ صَعْبٌ وطويلٌ سلَّمُه